-253- -254- يخرج إليه ، وألزموه هنالك بخروج في البحث والسؤال ، وقالوا له لا بد لك من الخروج على كل حال ، حتى تخرج من الهداية والنور إلى الظلم والضلال ، فان اعتذر عن ذلك بضعف أو بفقر ، أمروه بالتجشم لذلك والصبر ، ومنوه على ذلك عظيم الثواب والأجر ، ولم يكن للمسكين عندهم في ذلك عذر ، إلا الخروج في ذلك أو الضلال والكفر ، وقالوا له فإنا نحن لسنا عليك بحجة ، ولكنا بذلك على الصواب والمحجة ، وما ينقطع به عند الله عذرك ، وينكشف به حالك وأمرك ، لأنه لا يسعد عند الله درن أن تكون محجوجا ، ومقاما عليك بالحجة عند الله ومفلوجا ، فيقول لهم المسكين عند ذلك فأين أخرج وأين أتوجه ، والى من أقصد وإلى من أتجه ؟ فيقولون له : أخرج إلى فلان بن فلان ببلد كذا وكذا ، وفلان ببلد كذا وكذا ، فإنهما عليك حجة ولك حجة ، فيا سبحان الله ما أعظم هذه المحنة ، وما أبين هذه الضلالة وهذه الفتنة ، فكيف تكون شهادة الشهود عليه بما قد شهدوا عليه ليس بحجة ، ويكون قولهم إن فلانا وفلانا حجة عليه لقولهم ؟ وكيف لا يكون قول القائل من ذات نفسه حجة ، وقوله إن فلانا حجة ؟ ما سمعنا بهذا ي الملة الآخرة ، ولا يجوز هذا في أحكام ذات الدنيا ولا أحكام ذات الآخرة ، فان كان قولهم عليه حجة فقد كذبوا ، إنهم ليسوا بحجة ، وان لم يكن عليه حجة ، فكذلك قولهم إن فلانا وفلانا حجة عليه ليس بحجة عليه ، وقد ألزموه ما لا يجوز لهم أن يلزموه ، إن كان معذورا عن قيام الحجة ، وان كان غير معذور عن الخروج في التماس الحجة ففيمن حضر حجة ، ولا يجوز معنا غير هذا في حكم الحق ، وكل ما لم تقم به الحجة بعبارة الواحد من الحاضرين من المقربين بحكم ذلك الشيء ، فالجاهل له معذور عن طلبه في الدين، وواسع له الإقامة على جهله أبدا حتى تصل إليه الحجة ، وليس عليه أن يطلب على نفسه الحجة فيما هو معذور عنه ، فإن كان ما قد ألزموه الخروج فيه ، وهو مما لا يسعه جهله ، فبعبارتهم له ذلك قامت عليه الحجة ، وقولهم إنهم ليسوا عليه بحجة ، هم كاذبون في ذلك ، ولا نعلم في ذلك اختلافا .
Page 72