-50- أهل العلم من المسلمين ، فإنه قد خلف من بعد السلف الصالح خلف ، أنزلوا أنفسهم منازل ورثة السنة والكتاب ، وادعوا لأنفسهم أن في أيديهم الحكمة ، وفصل الخطاب ، وقضوا لأنفسهم دون غيرهم بالصواب ، وأظهروا الفرقة في موضع التوحد ، وحكموا بحكم الإجماع فيها فيما قد صح فيه حكم الاختلاف ، وأدخلوا في ذلك الطعن على من مضى من العلماء والأسلاف ، وفرقوا في أهل هذه الأحداث التي ذكرنا ، أو في كثير منها بين المجتمعات ، وجمعوا في كثير من أمورها بين المفترقات ، ثم قالوا للناس كونوا لنا من دون الله عبادا ، واسمعوا لنا وأطيعوا ، كان أمرنا صلاحا أو فسادا .
(يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ) (1).
وهم أهل الصفة التي ذكرناها ، وقعدنا لها قواعد الأصول التي أ صلناها .
ونحن -مع ذلك -إن شاء الله - عز وجل - ، عن تسمية أهل هذه الصفة واقفون ، ولهم بمقالهم المعروف وصفاتهم التي أوضحناها واصفون .
ونحن إن شاء الله -تعالى- نبين أحوالهم ، ونستعرض أوصافهم وأقوالهم ، وفي هذا المقام نحن إن شاء الله بالتلويح فيهم دون التصريح مكتفون ، وحسابهم على الله يوم القيامة ، والله نسأله التوفيق في جميع ا لأمور .
-51-
__________
(1) - الآية (8) سورة الصف .
Page 51