- 22 - ولا يكون العبد في حال جهله المنصوص من علم تلك الجملة أبدا مضيعا لفرض ، راكبا لمحرم ، ما لم يركب ذلك بإنكار لها أو لشيء منها ، أو تقوم عليه الحجة بعلمها بسماع أو نظر ، أو صحيح فكرة ، أو خاطر يدله على معاني ذلك ، فإذا كان كذلك ، لزمته كلفة التعبد للعلم لذلك ، و إلا فهو أبدا على سبيل العهد والميثاق ، والإيمان والإسلام والطاعة ، وقد تكون الفرائض الداخلة في الجملة من الفرائض اللازمة التي ينقضي وقتها ، مثل الوضوء للصلاة والصلاة ، والغسل من الجنابة عند حضور الصلاة ، والصوم لشهر رمضان ، أضيق حالا الجاهل لها ، لأنه يخصه فرض ذلك ، ويلزم القيام به بعينه ، إذا قدر على تأدية ذلك بعلم خاطر يحسن في عقله ، أو قدر على طلب علم ذلك من أحد من الخليقة ، ممن هو بحضرته ، أو ممن يقدر على إلقائه ، وإن عدم ذلك كله ، وحسن في عقله حضور عمل في دين خالقه ، أو ما يلزمه لخالقه ومحدثه من طاعته له ، أنه قد حضر له وقت عمل بطاعته ، أداء ذلك بقدرته ومبلغ معرفته ، و إلا فكان عليه اعتقاد السؤال لمن قدر عليه ، ممن نرجو معه دلالة على تأدية ما قد لزمه بعلم خاطره ، وما حسن في عقله ، وإن لم يحسن في عقله ذلك ولا بلغه علم ذلك فهو سالم ، باعتقاد الطاعة لخالقه علم ذلك أو جهله ، واعتقاد السؤال عما جهله من طاعة خالقه بما قدر عليه .
وقد مضى القول في مثل هذا ، إلا أن المنقطع ومن لم يبلغه حكم علم الجملة لم يذكرا بعينهما ، وهما سواء في هذا . ومن بلغته الجملة من المنقطع أو غير المنقطع في دار الإقرار وفي دار الإنكار ، فكل من خصه حكم في جملة أو غيرها ، لم يعذر بترك ذلك ولا بإضاعته ، وكل من خصه عذر في شيء من جملة أو غيرها ، فغير مكلف ذلك لكلفة غيره له ، ولو قامت الحجة على المنقطع عن أرض الإقرار لعبارة جميع دين الله من الفرائض والمحارم بما يبلغ إلى علم ذلك ، ويكون عليه حجة ولم يبلغه علم الجملة ، كان بذلك مأخوذا بحكم ما قد لزمه ، وغير مكلف حكم ما قد خصه العذر فيه . وكذلك ما لو قامت عليه الحجة بعلم شيء من دين الله ، كان ذلك كله سواء ، والمعنى
-23- واحد حكمه ، كالمعاني حكمها كلها كالواحد .
Page 23