-170- وقال من قال : إن الحمل إنما هو لمن عود الركوب ، وكان أهلا لذلك ، وأما سائر الناس من يقدر على المشي ممن لا يعرف بالركوب ، فإنما له النفقة ، وليس له حمل ، والاختلاف في هذا كثر ، والحجة فيه واسعة على الشهود ، في وصولهم إلى تأدية الشهادة التي قد لزمتهم إلى الحاكم ، وعلى الخصم ، حتى يقيموا الحجة والاجماع أنه لا يلزم الحاكم الوصول إلى موضع الشهود حتى يسمع البينة ، حتى انهم قالوا : إذا كانت البينة في البلد مريضة مرضا لا يقدر على الوصول ، جاز أن يشهد عن شهادتهم غيرهم ، ولم يكلف ذلك الحاكم ، ولا نعلم في ذلك اختلافا بين أحد من علماء المسلمين .
وقد أجمعوا في الخصم أنه إذا شاء خاصم ، وإن شاء ترك الخصومة واستعفى عنها ، اذا كان له الحق ، وإذا كان عليه الحق كان له أن يوكل وكيلا يسمع عليه البينة ، ولا يصل إلى الحكم في القرية ، ولو قدر على ذلك لسماع البينة ، ولا نعلم في ذلك اختلافا ، أن على الشهود في الأحكام الوصول إلى الحاكم في البلد إلى موضع حكمه ، حتى يؤدوا ما لزمهم من الشهادة ، فالحق عليكم في أصول الحكم أن تلزموا الشهود على الأحداث في بدعتكم هذه الخروج ، لأنه قد يلزم ذلك في الأحكام في الاختلاف ، وفي الاجماع في البلد وفي المصر اذا حمل .
وأما إذا كان غائبا عن المصر ، فلا نعلم أن عليه خروجا ، وتقبل عنه الشهادة عن شهادة الاثنين عن الواحد الحي الغائب من المصر أو المريض الذي لا يستطيع كذلك .
وقد اختلف في الغائب في المصر بما قد ذكرنا ، وإنما كانت العلة هنالك أن الحق للخصم ، فان شاء حمل وان شاء لم يحمل وترك الخصومة ، وهذا الحق لله وللمسلمين ، فينبغي في قياد قولكم أن على الشهود أن يخرجوا حتى يؤدوا ما عليهم من الشهادة ، وليس على الحاكم أن يخرج إليهم حتى يشهدوا
Page 171