107

Istiqama

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

Genres

-114- عالما بالحق ، ولو تاول ذلك متاول ، أنه لا يجوز الوقوف عن العالم برأي ولا بدين في جميع الأمور ، كان ذلك ضلالا وبدعة عظيمة ، وفتنة جسيمة ، ولوكان ذلك كذلك ، لكان أهل الأديان يجوز لهم ولاية أئمتهم في الدين ، إذ لا يحل لهم الوقوف عنهم لما كانوا معهم في منازل أهل العلم ، في جهلهم بالعلماء وأسماء العلماء إذا ظنوا أنهم علماء ، و ظهر عليهم اسم العلم أنهم علماء بذلك أبدا ، وذلك ضلال ومحال ، ولا يكون العاصي لله أبدا من العلماء في هذا الاسم ، وإنما خاص هذا الاسم للعلماء المحقين المستقيمين على سبيل الحق فيما قالوه من الحق ، وقاموا به من العدل على ما وصفنا لا غيرذلك .

وذلك هو الأصل الذي قال به المسلمون ، وأجمعوا على أن يسع الناس جهل ما دانوا بتحريمه ، ما لم يركبوه أو يتولوا راكبه ، فإذا تولوا العلماء على ركوب الباطل ، لحقهم في ذلك حكم الولاية لأهل الباطل ، وسواء علموا بذلك وجهلوا ، وسواء علموا أن ذلك لهم أو جهلوا ، لأنهم قد ركبوا الجهل بولايتهم للمبطل ، وهذا مما لا يختلف فيه ولا يشك فيه مع أهل العلم .

وفي نفس القول كفاية عن تفسير أمر أهل الضلال باعيانهم وأسمائهم ، وولاية من اتبعهم على ذلك من الاتباع ، على ما يظنون أن ذلك منهم حق وعدل ، ويتقربون إلى الله بذلك ويدينون به ، وكم من أهل هذه الصفة من الهالكين بولاية علمائهم ، بتقليدهم لهم الباطل وقبوله منهم وولايتهم عليه ، فبولايتهم عليه كانوا له قابلين ، وبولايتهم عليه كانوا به قابلين ، وبولايتهم عليه يسمون له فاعلين .

وكفى بقول الله - تبارك وتعالى -حجة : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )(1).

-115-

__________

(1) - الآية ( 51) سورة المائدة .

Page 115