ولا نقول: إن بعضه فرض وبعضه نفل، وإن كان لو اقتصر على البعض جاز وهو مثل ما لو أطال القيام، فإن الكل فرض، ولا يقال: إن بعضه نفل وبعضه فرض وإن كان لو اقتصر على مقدار قراءة الفاتحة جاز، ويمكن أن يقال أيضًا على تسليمنا أن البعض فرض والبعض نفل: أن التكميل بزيادة طهارة في محل الفرض، وإذا مسح بعض رأسه فالباقي ليس بمحل الفرض في هذه الطهارة، بل إن كان محل الفرض فهو محل الفرض في طهارة أخرى فلم يحصل التكميل المطلوب على حد التكميل بالغسل إلا بالتكرار، ويقال أيضًا: إن تكميل الطهارة بزيادة الطهارة وزيادة الطهارة بطهور فأين الطهور؟
وقولهم: «إن البلة التي على اليد طهور».
قلنا: هو طهور في الأصل لا في التكميل. ألا ترى أن إنسانًا آخر لو أخذ من تلك البلة واستعمله في رأسه للمسح لا يجوز.
وأما الاستيعاب بالبلة فهو ملحق بالأصل، يبينه أن الاستيعاب تكميل محل المسح فكأن الشرع سن تكميل المحل بالاستيعاب وسن تكميل المسح بالتكرار ليلتحق بالغسل من كل وجه.
وأما قولهم: «إن الزيادة على المسح بالتكرار يعود بالنقص على الأصل». فليس كذلك، لأن المسح وإن كرر مسحًا مثل الغسل سواء.
ولهذا لا ينوب عن غسل الوجه، ولهذا لو حلف أن لا يغسل وجهه فمسح مرات لا يحنث، وهذا لأنه تكرار شيء فلا يصير غير ذلك الشيء مثل التكرار في سائر الأشياء لا يصير غيره، والله أعلم بالصواب.
* * *
1 / 85