وهذا أمر وراء الغسل الذي ورد به نص الكتاب فيكون إثباتًا بتغير حكم الكتاب على ما سبق.
وأما من حيث المعنى قالوا: الطهارة شرط الصلاة، والوضوء وجب بحصول الطهارة وقد حصلت الطهارة/ وإن لم ينو فسقط عنه الأمر بالوضوء كما لو توضأ مرة سقط عنه فعله مرة أخرى.
والدليل على حصول الطهارة وإن لم ينو أن الله تعالى خلق الماء طهورًا كما قال: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ أي خلقنا.
والطهور اسم لما يحصل به الطهارة كالقطوع اسم لم يحصل به القطع فإذا استعمله في الأعضاء طهرها، لأنه عمل له بذاته وعينه ولا يتبدل ذلك لقصد المستعمل وعدم قصده، وصار هذا نظير إزالة النجاسة فإن استعمال الماء في المحل النجس أوجب تطهير المحل سواء قصده أو لم يقصده.
ونظيره من الحسيات الماء المروي إذا شربه الإنسان روى بذاته لا بقصد الشارب والطعام المشبع إذا أكله حصل الشبع بذاته لا بقصده قالوا: فإن قلتم هذا الكلام صحيح في الحسيات، فأما في الحكميات فلا، والطهارة في مسألتنا طهارة حكمية لا حسية.
فنقول: إن طهارة المحل باستعمال الطهور في محل النجاسة أمر حقيقي بحصول الري بشرب الماء.
فإن قلتم: «لا نجاسة في أعضاء الوضوء».
1 / 67