ملائكته، واختصَّها بالقرب من كرسيّه ومن عرشه، وأسكنها من شاء من خلقه، فلها مزيةٌ وفضلٌ على سائر السَّموات.
ومن هذا تفضيله سبحانه جنَّة الفردوس على سائر الجنان، وتخصيصها بأن جعل عرْشَهُ سقْفَها.
ومن هذا اخياره من الملائكة المُصْطَفَيْن منهم على سائرهم، كجبريل، وميكائيل، وإسرافيل.
كذلك اختياره سبحانه للأنبياء من ولد آدم عليه وعليهم الصَّلاة والسَّلام، وهم مائة ألفٍ وأربعة وعشرون ألفًا ... واختياره الرُّسلَ منهم، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر ... واخياره أُولي العزم منهم، وهم خمسة: (نوح، وإبراهيم، وموسي، وعيسي، ومحمد عليهم الصَّلاة والسَّلام)، واختار الخليلين منهم: (إبراهيمَ ومحمدًا صلَّى الله عليهما وعلى آلهما وسلَّم).
ومن هذا اختياره سبحانه ولدَ إسماعيل من أجناس بني آدم، ثم اختار منهم بني كنانة من خزيمة. ثم اختار من ولد كنانة قريشًا، ثم اختار من قريق بني هاشم -وهم قرابة النَّبيِّ ﷺ ورهطه الأدنون-، ثم اختار من بني هاشم سيِّدَ ولد آدم محمدًا ﷺ.
عن واثلة بن الأسقع ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن الله اصطفى كنانةَ من وَلَدِ إسماعيل، واصطفى قُرَيْشًا من كنانةَ، واصطفى من قُرَيْشٍ بني هاشمٍ، واصطفاني من بي هاشم" (^١).
كذلك اختار الله أصحابه من جملة العالمين، واختار منهم السَّابقين الأولين، واختار منهم أهل بدر. وأهلَ بيعة الرضوان، واختار لهم من الدِّين أكمله، ومن الشَّرائع أفضلها، ومن الأخلاق أزكاها وأطهرها.
_________
(^١) أخرجه مسلم في كتاب الفضائل -باب فضل نسب النَّبي ﷺ (٤/ ١٧٨٢) - رقم (٢٢٧٦). وفي معنى هذا الحديث أنشد بعضهم:
قُرَيْشٌ خِيَارُ بَنِي آدَمِ ... وخَيْر قُرَيْشٍ بَنُو هاشمِ
وَخَيْرُ بَنِي هَاشمٍ كلِّهم ... نَبِيُّ الإِلَهِ أَبُو القَاسِمِ
- "المعجم اللطيف" للشاطري (ص ١٥).
1 / 10