ولم نجدهم ذكروا لأبي بكر، وزيد، وخباب، مثل الذي ذكروا له من بذل النفس والعناء، والذب عن الإسلام بالسيف، ولا ذكروهم في طبقة الفقهاء وأهل القدم في الإسلام. ولم نجدهم ذكروا لابن عفراء، والزبير، وأبي دجانة، والبراء بن مالك، مثل الذي ذكروا له من التقدم في الإسلام والزهد والفقه. ولا ذكروا أبا بكر، وزيدا، وخبابا، في طبقة عمرو بن مسعود، وأبي بن كعب، كما ذكروا عليا في طبقتهم. ولا ذكروا أبا بكر، وزيدا، وخبابا، في طبقة معاذ، وأبي الدرداء، وأبي، وعمار، وبلال، وعثمان بن مظعون، كما ذكروا عليا في طبقتهم.
فلما رأينا هذه الأمور مجتمعة فيه، ومتفرقة في غيره من أصحاب هذه المراتب، وأهل هذه الطبقات، الذين هم الغايات، علمنا أنه أفضل، وأن كل واحد منهم وإن كان قد أخذ من كل خير بنصيب، فإنه لن يبلغ مبلغ من قد اجتمع له الخير وصنوفه.
فهذا دليل هذه الطبقة من الزيدية على تفضيل علي - رضوان الله عليه - وتقديمه على غيره.
وزعموا أن عليا كان أولاهم بالخلافة، إلا أنهم كانوا على غيره أقل فسادا واضطرابا، وأقل طعنا وخلافا. وذلك أن العرب وقريشا كانوا في أمره على طبقات:
فمن رجل قد قتل علي أباه أو ابنه، أو أخاه أو ابن عمه، أو حميمه أو صفيه، أو سيده أو فارسه، فهو بين مضطغن قد أصر على حقده، ينتظر الفرصة ويترقب الدائرة، قد كشف قناعه، وأبدى عداوته.
Page 210