فالشعار للعلماء هو شعاره ﵌ وشعار أصحابه، فهم القدوة لا ما جعله من ارتكب ما نهى عنه شعارا، فإن أول من خالف النهي واتخذه له لباسا قبل أن يسبقه إليه أحد مبتدع قطعا آتيا بما نهى عنه لا تتم فيه هذه المقدرة القبيحة لأنه لم يكن شعارًا إلا من بعده، فمن تبعه تبعه على: الابتداع وارتكاب المنهي عنه، ثم اعتذر لنفسه بأنه مار له شعارا.
وسبحان الله تعالى ما أقبح بالعالم ان يروج فعله لما نهي عنه نهي تحريم أو كراهة شعارا مأذونا فيه، وكان خيرا منه الاعتراف بأنه خطيئة أقل الأحوال مكروهة ومحل ريبة، فإن هذه الأحاديث التي سمعتها من أول الرسالة تثير ريبة إذا لم يحصل التحريم، وقد شر حديث: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»، وإذا لم تثر هذه الأحاديث ريبة توجب الترك للمنهي عنه وعدم حِلّهِ حلًا خالصًا فليس عند من سمعها أهلية (٢) لفهم التكاليف الشرعية، كيف وقد قال ﵌ في الحديث الذي أخبرت فيه امرأة بإرضاعها امرأة رجل فأمره ﵌ بفراقها وقال له: «كيف وقد قيل»
وهذا كله منا تنزُّل وإلا مما قدمناه من الأدلة وبيان دلالتها ما ينادي على التحريم أعظم نداء، والاعتذار بكون النهي للخيلاء عرفت بطلانه وهل أوضح من قول الشارع: «ما زاد على الكعبين ففى النار» دلالة على إطلاق التحريم وشدة الوعيد، وهو كقوله ﵌: «ويل
_________
(٢) في المخطوطة (أهله) والصحيح ما أثبتناه
1 / 49