نفى القيد والمقيد، ونظير ما قاله صاحب «الكشاف» ﵀ فى قوله تعال: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ» إنه نفى للتوبة من القبول، أى لا توبة لهم ولا قبول وأنشد البيت المعروف: [[(وَلَا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِر) (١)]] *.
[ويؤيده] ** أنه لا بد من القصد فى الإسبال أنه لا يحرم جره حال الفزع والغضب والنسيان كما قدمنا، ولعل هذا الذى أراده صاحب «المنار» وأشار إليه بقوله فى حديث أبى بكر-أى ليس ممن يتعمد ذلك- وحينئذ فحديث أبي بكر ليس من محل النزاع فى حد ولا صدر، إنما توهم أبو بكر فسأل فأجيب بأنه ليس من ذلك.
ثم وجدت فى «التمهيد» لابن عبد البر بعد أيام من كتب هذه الرسالة ما لفظه: (أنه ﵌ قال لأبى بكر: إنك لست ممن يرضى ذلك ولا يتعمده ولا يظن بك ذلك). انتهى.
وهو بحمد الله صريح فى ما قلناه ويدل له أنه ﵌ أذن لأمهات المؤمنين فى إسبال ذيولهن ذراعا، ولم يقل لأم سلمة رضى الله عنها -وقد سألته- أنه ليس من المخيلة لأنهن قاصدات لذلك فهو مخيلة أو مظنة لها، لكن عارض مفسدة الإسبال مفسدة أعظم منها وهى: انكشاف أقدام النساء وهى عورة، فأذن لهن وإن حصلت المخيلة دفعا لأعظم المفسدتين بأخفهما. وحينئذ يتوجه الوعيد على الإسبال لغير النساء ولكن تخص الإباحة بذيولهن لا بقميصهن وثياب البذلة التي تلبسها فى منزلها خالية عن الأجانب.
_________
(١) راجعت في «الكشاف» عند الآية المذكورة من سورة آل عمران فلم أجد كلام الزمخشرى الذي أشار إليه الصنعاني ﵀، فلعله سقط من النسخة المطبوعة، ولهذا لم أتمكن من تصحيح البيت المستشهد به، وذلك لعدم استطاعتي على قراءتهم في المخطوطة فأثبتها رسمًا كما في المخطوطة، والله المستعان
(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة
أثبت البيت الصحيح وهو في الكشاف في غير هذا الموضع في تفسير قول الله (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) (آل عمران ١٥١) (١/ ٤٢٦).
وفي (ب) (ولا يرى الضب بها ينجحر).
(**) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة
في الأصل (ويؤيد) وما أثبته من (ب)
1 / 44