202

Al-Istidhkār

الاستذكار

Editor

سالم محمد عطا ومحمد علي معوض

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

1421 AH

Publisher Location

بيروت

وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ منه) النساء ٤٣ كالخطاب في قوله (وامسحوا برؤوسكم)
وَلَا وَجْهَ لِمَا اعْتَلُّوا بِهِ مِنْ أَنَّ الرَّأْسَ وَالرِّجْلَيْنِ مَمْسُوحَانِ وَأَنَّهُ لَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَكَذَلِكَ الْعِمَامَةُ لِأَنَّ الرِّجْلَيْنِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مَغْسُولَتَانِ وَلَا يُجْزِئُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا دُونَ حَائِلٍ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْغَسْلِ لَهُمَا فَلَا مَعْنَى لِلِاعْتِبَارِ بِغَيْرِ ذَلِكَ
فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الرَّأْسَ وَالرِّجْلَيْنِ يَسْقُطَانِ فِي التَّيَمُّمِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا مَمْسُوحَانِ
قِيلَ لَهُ وَقَدْ يَسْقُطُ بَدَنُ الْجُنُبِ كُلُّهُ فِي التَّيَمُّمِ وَلَا يُعْتَبَرُ بِذَلِكَ فَسَقَطَ مَا اعْتَلُّوا بِهِ
وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ الْقَوْلِ فِي مَسْحِ الْقَدَمَيْنِ وَغَسْلِهِمَا وَرَجَّحْنَا الْغَسْلَ وَاحْتَجَجْنَا لَهُ فِي غَيْرِ هذا الموضع بما يغني عن إعادته ها هنا
فَإِنْ قِيلَ فَهَبْ أَنَّ الرِّجْلَيْنِ مَغْسُولَتَانِ هَلَّا كَانَ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ قِيَاسًا عَلَيْهِمَا فِي الْخُفَّيْنِ
قِيلَ لَهُ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَأْخُوذٌ مِنْ طُرُقِ الْأَثَرِ لَا مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ وَلَوْ كَانَ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ لَوَجَبَ الْقَوْلُ بِالْمَسْحِ عَلَى الْقُفَّازَيْنِ وَعَلَى كُلِّ مَا غَيَّبَ الذِّرَاعَيْنِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَلَا ضَرُورَةٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ خُصُوصٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ
وَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَاسَ الذِّرَاعَانِ - وَهُمَا مَغْسُولَانِ - عَلَى الرِّجْلَيْنِ الْمَغْسُولَتَيْنِ إِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُغَيَّبًا فِيمَا يَسْتُرُهُ مِمَّا يَصْلُحُ لِبَاسُهُ فَأَحْرَى أَلَّا يُقَاسَ الْعُضْوُ الْمَسْتُورُ بِالْعِمَامَةِ وَهُوَ مَمْسُوحٌ عَلَى عُضْوٍ مَغْسُولٍ إِذْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُغَيَّبًا
وَهَذَا مَا لَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَفِي هَذَا الْبَابِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَنَسِيَ أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ حَتَّى جَفَّ وُضُوءُهُ فَقَالَ أَرَى أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ
هَذَا يَدُلُّ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْفَوْرَ لَا يَجِبُ عِنْدَهُ إِلَّا مَعَ الذِّكْرِ وَأَنَّ النِّسْيَانَ يُسْقِطُ وُجُوبَهُ
وَلِذَلِكَ أُوجِبَ عَلَى الْعَامِدِ لِتَرْكِ مَسْحِ رَأْسِهِ مُؤَخِّرًا لِذَلِكَ أَوْ لِشَيْءٍ مِنْ مَفْرُوضِ وُضُوئِهِ اسْتِئْنَافُ الْوُضُوءِ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَمْ يَرَهُ عَلَى النَّاسِي

1 / 212