خروج علي بك من مصر
أمضى السيد عبد الرحمن وعلي خادمه أياما في القلعة وهما موضع الإكرام والاحترام من كل من فيها، ثم جاء عماد الدين بعد ذلك فاجتمع بهما وأخذوا يتجاذبون أطراف الحديث في مختلف الشئون، إلى أن قال عماد الدين للسيد عبد الرحمن: «يجب أن تنتهز الحظوة التي نلتها لدى الشيخ ضاهر للبحث عن حسن.»
فقال السيد عبد الرحمن: «إن هذا أهم ما يشغل بالي، ولكني أخشى أن أخاطب الشيخ ضاهر في ذلك فتقل ثقته بي وتحدثه نفسه بأني لو كنت بارعا في التنجيم حقا لاستطعت الاهتداء إلى مقر ولدي، فما رأيك أنت؟»
قال: «ولماذا تخاطب الشيخ ضاهر نفسه في هذا الأمر؟ يكفي أن تتصل بحراس أبواب المدينة، وتكلفهم أن يبلغوك أمر أي شخص غريب صفته كذا وكذا يدخل المدينة أو يخرج منها، وتذكر لهم أوصاف حسن.»
فقال: «هذا رأي صائب، وسأعمل به في أقرب وقت.»
وفي صباح اليوم التالي خرج السيد عبد الرحمن وعلي من القلعة. وطافا بكل أبواب المدينة موصيين حراسها بإبلاغهما في القلعة أمر أي غريب تنطبق عليه أوصاف حسن، وذكراها لكل منهم بالتفصيل.
ثم تذاكرا أمر سالمة، فقال علي لسيده: «أرى وقد داخلنا شيء من الاطمئنان على سيدي حسن، أن تبقى أنت هنا حتى يأذن الله بلقائه عما قريب، وأمضي أنا إلى مصر فأبحث هناك أمر سيدتي والدته.»
فقال السيد عبد الرحمن: «لقد نطقت صوابا، وغدا أستأذن في سفرك على أنك ذاهب إلى مصر لإحضار بعض الأدوات والمعدات والعقاقير اللازمة لإتقاننا مهنة التنجيم والطب.»
وكان الشيخ ضاهر عند حسن ظن السيد عبد الرحمن وزيادة؛ فإنه ما كاد يعلم منه برغبته في إيفاد خادمه إلى مصر لذلك الغرض حتى وافق وأظهر ارتياحه التام ، ثم نادى كاتب سره وأمره بأن يبلغ أمره بتزويد خادم الطبيب بكل ما يحتاج إليه في سفره من مئونة ومال، وأن تسير في ركابه كوكبة من الفرسان لحراسته في الطريق ذهابا وإيابا، مع إعطائه كتاب توصية إلى علي بك صاحب مصر لتسهيل مهمته باعتباره من حاشيته وأتباعه.
ولم يسع السيد عبد الرحمن إلا أن يقبل يد الشيخ ضاهر شاكرا، ثم خرج من عنده فقابل عليا وبشره بما كان. وفي اليوم التالي كانت معدات السفر كلها قد أعدت فودعه طالبا له التوفيق، وعاد إلى القلعة ينتظر ما تأتي به الأقدار.
Unknown page