بلاغة صياغته عن طوق الأنس والجن.
ثم يذكر أنه مما يبين لك روعة القرآن الكريم: أن الكلمة منه إذا ذكرت في تضاعيف كلام فإنهما تتألق بين جاراتها تألقًا، وأنه قد وضع في أوائل بعض صوره حروفًا مجموعها: أربعة عشر حرفًا هي نصف حروف المعجم، ليبين بذلك أن كلامه منتظم من نفس الحروف التي يستخدمها العرب، ومع ذلك فأنهم قد عجزوا عن معارضته.
هذا إلى أنه قد خلا من الغريب الوحشي المستكره، ومن الصنعة المتكلفة السقوتة.
وبهذا فإن الباقلاني لم يخرج عن قوله: أن القرآن الكريم معجز ببلاغته، وأن بلاغته ترجع إلى نظمه الفريد، ولم يستطع الولوج إلى نظرية النظم لبيان أسرارها وخصائصها.
غير أن أدبيًا معاصرًا له هو القاضي على بن عبد العزيز الجرجاني المتوفى سنة ٣١٢ هـ قد تحدث عن النظم في كتابه " الوساطة بين المتنبي وخصومه" واستطاع أن يزيل شيئًا من الغموض الذي كان يحيط بنظرية النظم، وأن يزيح الستار قليلًا عن بعض جوانبها، وأن يلهم تلميذه، عبد القاهر من بعده كيفية الوصول إلى معالمها، وأن يعطيه النبراس الذي يهتدي به للوقوف على أسرارها.
ومع أن القاضي الجرجاني لم يكن يتعرض لنظرية الإعجاز القرآني