Issues in Which the Messenger of Allah Contradicted the People of Ignorance
مسائل خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية
Genres
ثانيًا: الأدلة من السنة
أما الأحاديث فكثيرة جدًا، ويظهر منها جليًا تطبيق الصحابة والتابعين والفقهاء الأربعة وأصحابهم لهذه القضية العظيمة الجليلة، وهي: أن محض الإيمان هو محض الاتباع للنبي ﷺ، ففي مسند أحمد عن العرباض بن سارية قال: (وعظنا رسول الله ﷺ موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودع فأوصنا، فقال النبي ﷺ: عليكم بالسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي -ثم قال ﷺ: فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي)، فكأن سائلًا يسأل: وماذا نفعل يا رسول الله! إذا وجدنا هذا الاختلاف الكثير، فقال ﷺ: (فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور)، إلى آخر الحديث.
والشاهد قوله ﷺ: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور).
وعن النبي ﷺ كما عند ابن أبي عاصم والمستدرك للحاكم بسند صحيح: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي)، والسنة هي من كتاب الله جل في علاه، وكثير من السلف كانوا يقولون: السنة قاضية على كتاب الله.
قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ [الأحزاب:٣٤]، قال الشافعي: آيات الله الكتاب، وأما الحكمة فهي سنة النبي ﷺ، ولذلك قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر:٧]، قوله: (وما آتاكم الرسول) أي: من كتاب أو سنة، فهما وحيان من الله، فالكتاب لفظه من الله جل في علاه، والسنة معناها من الله ولفظها من رسول الله ﷺ.
وفي الصحيحين عن النبي ﷺ قال: (كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله! ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)، فكيف يصبو امرؤ إلى سب وانتقاص من يتمسك بسنة النبي ﷺ، ويهون من شأنها، ويقول: الدين قشر ولباب؟ إن ذلك تجاسُر وجرءة على سنة النبي ﷺ، ولن ينجو العبد عند ربه إلا باتباع النبي ﷺ، فقد أغلق الله كل باب إلا باب رسول الله ﷺ، ولذلك قال النبي ﷺ: (فمن رغب عن سنتي فليس مني)، وهذا الحديث أشد ما يكون زجرًا لهؤلاء، ففي يوم القيامة يرد الناس على حوض النبي ﷺ، فمنهم من يذاد عن حوضه؛ لأنهم ليسوا من أمته، ثم يرد عليه أناس يعرفهم الرسول الله ﷺ ليشربوا من حوضه، لكنهم يذادون أيضًا من بين يدي رسول الله ﷺ: فيقول: (أصحابي أصحابي، فيقال له: يا محمد! إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)، أي: لم يأخذوا بسنتك، ولم يقتفوا أثرك، فيقول النبي ﷺ زيادة في النكاية بهم: (سحقًا سحقًا بعدًا بعدًا لمن بدل بعدي)، نعوذ بالله أن نكون من هؤلاء.
ففي يوم القيامة يكون الكرب شديدًا، فالشمس تقترب فيه مقدار ميل من الرءوس، ويحتاج المرء فيه إلى شربة ماء تروي ظمأه، وعندما يأخذ الإناء ليشرب يقال له: (سحقًا سحقًا بعدًا بعدًا لمن بدل بعدي).
16 / 6