Issues in Which the Messenger of Allah Contradicted the People of Ignorance
مسائل خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية
Genres
الأماكن التي تحل فيها البركة وحقيقة هذه البركة
هناك أماكن مباركة تحل فيها البركة، لكن هذه الأماكن ليست مباركة بجدرانها ولا بترابها، فلا تذهب تتمسح بالجدار ولا بالترب، وإنما البركة تحل فيها بالأعمال الصالحة.
وأول هذه الأماكن: مكة، فمكة حرم الله المبارك، وقد حرمها إبراهيم ﵇، وفيها البيت مبارك، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا﴾ [آل عمران:٩٦].
والمدينة أيضًا مباركة، وقد حرمها رسول الله ﷺ، وفيها المسجد النبوي.
وأيضًا: بيت المقدس مبارك، كما قال النبي ﷺ مبينًا بركة هذه البقاع الثلاث: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الأقصى، والمسجد الحرام) ثم فسر النبي ﷺ بركة هذه البقاع بقوله: (إن الصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة، والصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة)، وقد جاء في الأثر وإن كان يضعفه بعضهم: (أن الصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة)، لكن يستأنس به، وله شواهد تدل على مضاعفة الأجر بالصلاة في بيت المقدس.
إذًا: فالتبرك بهذه الأماكن ليس بترابها ولا بجدرانها، بل بالأعمال فيها.
وأيضًا: أرض الشام كلها مباركة، ولذلك لما سئل النبي ﷺ عن سبب تفضيل هذه الأرض عن غيرها، قال النبي ﷺ: (إن الملائكة باسطةً أجنحتها على أرض الشام) فهذه من بركة أرض الشام، وكذلك جاء في الحديث: (اللهم بارك لنا في شامنا).
إذًا: فأرض الشام بين النبي ﷺ أنها أرض مباركة.
وكذلك المدينة فضلها النبي ﷺ فقال: (من استطاع منكم أن يموت في المدينة فليمت، فإني شفيع لمن مات في المدينة).
فعلى المرء أن يلتمس البركة في هذه الأراضي ليس في جدرانها ولا بترابها، وعندما نقول: هذه الأراضي مباركة لا نعني أن الناس الذين فيها مباركون؛ لأنك قد تجد في هذه الأراضي المباركة أفسق وأفجر أهل الأرض، فالناس لا يقاسون بالأراضي، ولو قيس الناس بالأراضي لكان أرفع الناس أبا جهل، مع أنه أكفر الناس.
إذًا: فالناس لا يقاسون بالأراضي، وإنما الأمر كما قال: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات:١٣] يعني: أن ميزان الأشخاص ومقياسهم عند ربهم هي القلوب التي عمرت بالإيمان.
14 / 10