83

Islamic Fatwas

فتاوى إسلامية

Publisher

دار الوطن للنشر

Publisher Location

الرياض

Genres

كما في الحديث الذي أشار إليه السائل في إن من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد والغريق شهيد، إلى غير ذلك من الشهداء الذين ورد الحديث بالشهادة العامة. وهذا القسم لا يجوز أن نطبقه على شخص بعينه وإنما نقول من اتصف بكذا وكذا فهو شهيد، ولا نخص بذلك رجلا بعينه، لأن الشهادة بالوصف غير الشهادة بالعين. وقد ترجم البخاري ﵀ لهذا في صحيحه فقال باب لا يقال فلان شهيد، واستدل له بقول النبي ﷺ " والله أعلم بمن يجاهد في سبيله "، وقوله ﷺ " الله أعلم بمن يكلم في سبيله "، أي يجرح. وساق تحت هذا العنوان الحديث الطويل المشهور في قصة الرجل الذي كان مع النبي ﷺ في غزوة وكان شجاعًا مقدامًا لا يدع للعدو شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه. فامتدحه الصحابة أمام النبي ﷺ، ثم ساق البخاري ﵀ الحديث وفيه أن النبي ﷺ قال " إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ". وهذا الاستدلال الذي استدل به البخاري ﵀ على الترجمة استدلال واضح. لأن قوله ﷺ " الله أعلم بمن يجاهد في سبيله ". يدل على أن الظاهر قد يكون الباطن مخالفًا له والأحكام الأخروية تجرى على الباطن لا على الظاهر. وقصة الرجل التي ساقها البخاري ﵀ تحت هذا العنوان ظاهرة جدًا. فإن الصحابة ﵃ أثنوا على هذا الرجل بمقتضى ظاهر حاله، ولكن النبي ﷺ قال لهم إنه من أهل النار، فاتبعه رجل من الصحابة ﵃ ولزمه فكان آخر عمل هذا الرجل أن قتل نفسه بسيفه. فنحن لا نحكم بالأحكام الأخروية على الناس بظاهر حالهم وإنما نأتي بالنصوص على عمومها والله أعلم هل تنطبق على هذا الرجل الذي اتصف بهذا الوصف، قيصدق عليه الحكم أولا. وقد ذكر صاحب الفتح " فتح الباري في شرح صحيح البخاري " أن عمر بن الخطاب ﵁ خطب فقال (إنكم تقولون في مغازيكم أن فلانا شهيد ومات فلان شهيدًا ولعله قد يكون قد ألقته راحلته، ألا لا تقولوا ذلك، ولكن قولوا كما قال رسول الله ﷺ من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد) . قاله في الفتح وهو حديث حسن وعلى هذا فنحن نشهد بالشهادة على صفة ما جاء بها النص، إن كان في شخص معين شهدنا بها للشخص الذي عينه النبي ﷺ. وإن كانت على سبيل العموم، شهدنا بها على سبيل العموم، ولا نطبقها على شخص

1 / 92