Islam Wa Hadara Insaniyya

Cabbas Mahmud Caqqad d. 1383 AH
76

Islam Wa Hadara Insaniyya

الإسلام والحضارة الإنسانية

Genres

والدول الأفغانية الثلاث التي نهضت بفتح الهند هي دولة بني «سبكتكين» ودولة الغوريين ودولة آل قيلجي، ولا سيما علاء الدين. •••

وليس سبكتكين من صميم أبناء الأفغان، ولكن نشأته أفغانية ودولته أفغانية وقوته التي اعتمد عليها في نجاح حكمه ونجاح فتوحاته أفغانية، ولا يمكن أن تعرف بنسبة أخرى إذا وجب أن تنسب إلى قبيل أو نظام.

إن الإسلام دخل الهند من طريقين: طريق الفتوح وطريق الرحلة والتجارة.

وبعد فتح السند في أيام الأمويين لم تعرف للإسلام فتوح ذات بال غير الفتوح التي قامت بها الدول الأفغانية، ولكنهم في الواقع لم ينشروا الإسلام بالسيف، بل كان السيف يفتح لهم باب البلد، وتتكفل السياسة الرشيدة والمعاملة الحسنة بالبقية التي يعمل فيها الإقناع وحسن القدوة ما لا تعمله السيوف والعروش. •••

ولقد كان نصر المسلمين في الهند آية، عند الهنود، من آيات المشيئة الإلهية، وكثير ممن آمنوا منهم بصدق الإسلام إنما أقنعهم بمصدره الإلهي أنه انتصر على جيوش تفوقه في العدد والعدة، وتقيم في مواطنها ومعاقلها بين موارد تموينها وأمداد الجند والمال المتوالية عليها، وكانت فتوح الإسلام أشهر من فتوح القادة الأقدمين الذين بقيت في الهند ذكراهم مقرونة بالإعجاب والرهبة، ولا استثناء في ذلك للإسكندر في أوج شهرته، فإن الإسكندر لم يصل إلى «الدكن» التي وصل إليها قادة الأفغان، ولم يبق بعده أثرا من فتوحه كما بقيت آثار الفاتحين من المسلمين في حياتهم وبعد حياتهم، ولا تزال باقية فيها إلى هذه الأيام.

فلم يكن قادة الدول الأفغانية فاتحين للبلدان وكفى، ولكنهم كانوا فاتحين للقلوب وفاتحين للعقول، وربما اجتمع في بلاط أمرائهم - في جيل واحد - أقطاب من طبقة الفارابي والبيروني والفردوسي والعنصري والعسجدي وأبو بكر الخوارزمي وبديع الزمان الهمذاني، وما زالوا يقربون إليهم في كل وطن فتحوه صفوة أبنائه من الحكماء والفضلاء على اختلاف النحلة واللسان، ومن آثار فتوحهم أنهم نقلوا إلى الهند لغة من أشيع لغاتها الحاضرة، وهي اللغة «الأردية» التي يتكلمها من المسلمين وغير المسلمين عدد لا يضارعه عدد المتكلمين بإحدى لهجاتها الإقليمية.

وعرف خلفاء بغداد هذا الفضل لقادتهم المفلحين، فكان من الألقاب التي خلعوها عليهم لقب أمين المملكة ويمين الدولة فضلا عن ألقاب السلطنة والإمارة، وفي واحد من هؤلاء يقول أبو الفتح البستي يرثيه:

قلت إذ مات ناصر الدين والدو

لة حياه ربه بالكرامة

وتداعت جموعه بافتراق

Unknown page