237

Islam Q&A

موقع الإسلام سؤال وجواب

Genres

هل النبي ﷺ يُخْطِئ
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن الرسول ﷺ. بعض المسلمين يقولون إنه بدون خطايا، وآخرون يقولون إنه ليس بدون خطايا. أنا شخصيا لا أعتقد أنه بدون خطايا لأنه بشر. هل يمكنك أن تخبرني بالرأي الصحيح من الكتاب والسنة؟ ولكم جزيل الشكر. والله أكبر]ـ
[الْجَوَابُ]
أولا: استعمال كلمة خطايا في السؤال خطأ كبير، لأن الخطايا جمع خطيئة وهذا مُحال على الرسل والأصح أن تقول أخطاء جمع خطأ لأن الخطأ قد يكون عفويًا وليس كذلك الخطيئة.
ثانيًا: أما الخطيئة فاٍن الرسل ومنهم محمد ﷺ لم يرتكبوا شيئًا منها بقصد معصية الله تعالى بعد الرسالة وهذا بإجماع المسلمين، فهم معصومون عن كبائر الذنوب دون الصغائر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀:
إن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر: هو قول أكثر علماء الإسلام، وجميع الطوائف ... وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء، بل لم يُنقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول. " مجموع الفتاوى " (٤ / ٣١٩) .
وهذا سؤال موجه إلى اللجنة الدائمة حول الموضوع:
سؤال: بعض الناس يقولون ومنهم الملحدون: إن الأنبياء والرسل يكون في حقهم الخطأ يعني يخطئون كباقي الناس، قالوا: إن أول خطأ ارتكبه ابن آدم قابيل هو قتل هابيل ... داود عندما جاء إليه الملكان سمع كلام الأول ولم يسمع قضية الثاني.... يونس وقصته لما التقمه الحوت، وقصة الرسول مع زيد بن حارثة قالوا بأنه أخفى في نفسه شيئا يجب عليه أن يقوله ويظهره، قصته مع الصحابة: انتم أدرى بأمور دنياكم، قالوا بأنه اخطأ في هذا الجانب. قصته مع الأعمى وهي ﴿عبس وتولى أن جاءه الأعمى﴾ فهل الأنبياء والرسل حقا يخطئون وبماذا نرد على هؤلاء الآثمين؟
الجواب:
ج: نعم الأنبياء والرسل يخطئون ولكن الله تعالى لا يقرهم على خطئهم بل يبين لهم خطأهم رحمة بهم وبأممهم ويعفو عن زلتهم ويقبل توبتهم فضلا منه ورحمة والله غفور رحيم كما يظهر ذلك من تتبع الآيات القرآنية التي جاءت فيما ذكر من الموضوعات في هذا السؤال ... وأما أبناء آدم فمع انهما ليسا من الأنبياء.... بين الله سوء صنيعه بأخيه....انتهى
عبد العزيز بن باز - عبد الرزاق عفيفي - عبد الله بن غديان - عبد الله بن قعود. " فتاوى اللجنة الدائمة " برقم ٦٢٩٠ (٣ / ١٩٤) .
ثالثًا: أما قبل الرسالة فقد جوَّز عليهم العلماء أنه قد يصدر منهم بعض صغائر الذنوب، وحاشاهم من الكبائر والموبقات كالزنا وشرب الخمر وغيرها فهم معصومون من هذا.
= وأما بعد الرسالة، فإن الصحيح أنه قد يصدر منهم بعض الصغائر لكن لا يُقرون عليها.
قال شيخ الإسلام:
وعامة ما يُنقل عن جمهور العلماء أنهم غير معصومين عن الإقرار على الصغائر، ولا يقرون عليها، ولا يقولون إنها لا تقع بحال، وأول من نُقل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقًا، وأعظمهم قولًا لذلك: الرافضة، فإنهم يقولون بالعصمة حتى ما يقع على سبيل النسيان والسهو والتأويل. " مجموع الفتاوى " (٤ / ٣٢٠) .
= وهو معصومون في التبليغ عن الله تعالى.
قال شيخ الإسلام ﵀:
فان الآيات الدالة على نبوة الأنبياء دلت على أنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله ﷿ فلا يكون خبرهم إلا حقا وهذا معنى النبوة وهو يتضمن أن الله ينبئه بالغيب وأنه ينبئ الناس بالغيب والرسول مأمور بدعوة الخلق وتبليغهم رسالات ربه. " مجموع الفتاوى " (١٨ / ٧) .
رابعًا: أما الخطأ الذي بغير قصد فهو في سبيلين:
في أمور الدنيا فهذا يقع ووقع من رسول الله ﷺ وهو فيه مثل سائر البشر كأمور الزراعة، والطب والنجارة وغيرها لأن الله تعالى لم يقل لنا إنه أرسل إلينا تاجرًا أو مزارعًا أو نجارًا أو طبيبًا، فالخطأ في هذه الأمور جِبلِّيّ لا يقدح برسالته ﷺ.
عن رافع بن خديج قال: " قدم نبي الله ﷺ المدينة وهم يُأبِّرون النخل قال: ما تصنعون؟ قالوا: كنا نصنفه قال: لعلكم لو لم تفعلوا كان أحسن فتركوه فنقصت فذكروا ذلك له فقال: إنما أنا بشر مثلكم، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوه، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر. رواه مسلم (٢٣٦١) .
ومعنى التأبير: التلقيح.
نلاحظ أن الرسول ﷺ قد أخطأ في هذا الأمر من أمور الدنيا لأنه كسائر البشر ولكنه لا يخطئ في أمر الدين.
وأما الخطأ بأمور الدين من غير قصد:
فالراجح في ذلك من أقوال العلماء: أنه يقع من النبي مثل هذا ولكن على سبيل فعل خلاف الأولى.
فقد تعْرِض له المسألة وليس عنده في ذلك نص شرعي يستند إليه فيجتهد برأيه كما يجتهد العالِم من آحاد المسلمين فإن أصاب نال من الأجر كِفْلين وإن أخطأ نال أجرًا واحدًا وهذا قوله ﷺ " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد ". رواه البخاري (٦٩١٩) ومسلم (١٧١٦) من حديث أبي هريرة.
وقد حدث هذا منه في قصة أسرى بدر.
عن أنس قال: استشار رسول الله ﷺ الناس في الأسارى يوم بدر فقال إن الله ﷿ قد أمكنكم منهم، قال: فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله اضرب أعناقهم قال فأعرض عنه النبي ﷺ، قال: ثم عاد رسول الله ﷺ، فقال: يا أيها الناس إن الله قد أمكنكم منهم وإنما هم إخوانكم بالأمس، قال: فقام عمر فقال: يا رسول الله اضرب أعناقهم، فأعرض عنه النبي ﷺ، قال: ثم عاد النبي ﷺ فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله إن ترى أن تعفو عنهم وتقبل منهم الفداء، قال: فذهب عن وجه رسول الله ﷺ ما كان فيه من الغم قال فعفا عنهم وقبل منهم الفداء، قال: وأنزل الله ﷿ (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) [سورة الأنفال /٦٧] . رواه أحمد (١٣١٤٣) .
فنلاحظ أن هذه الحادثة لم يكن عند رسول الله فيها نص صريح فاجتهد واستشار أصحابه، فأخطأ في الترجيح.
ومثل هذا في السنّة قليل فيجب أن نعتقد العصمة للرسل والأنبياء وأن نعلم أنهم لا يعصون الله تعالى، وأن ننتبه غاية الانتباه لقول من يُريد أن يطْعن في تبليغه للوحي من خلال كونه ﷺ قد يُخْطئ في أمور الدنيا، وشتّان ما بين هذا وهذا، وكذلك أن ننتبه للضالين الذين يقولون إنّ بعض الأحكام الشّرعية التي أخبر بها النبي ﷺ هي اجتهادات شخصيّة قابلة للصواب والخطأ أين هؤلاء الضلال من قول الله تعالى. (وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى)، نسأل الله أن يجنّبنا الزّيغ وأن يعصمنا من الضلالة، والله تعالى أعلم، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد

1 / 236