222

Islam Q&A

موقع الإسلام سؤال وجواب

Genres

إبراهيم ﵇ [السُّؤَالُ] ـ[هل لك أن تعطيني بعض المعلومات عن النبي إبراهيم ﵇؟.]ـ [الْجَوَابُ] الحمد لله أرسل الله نبيه إبراهيم ﵊ وجعل في ذريته النبوة والكتاب: (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقًا نبيًا) مريم/٤١. وقد ربى الله إبراهيم وأكرمه بفضائل وصفات حميدة: (إن إبراهيم كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين، شاكرًا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم، وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين) النحل/١٢٠- ١٢١- ١٢٢. وإبراهيم ﵇ أبو الأنبياء فلم يبعث نبيًا من بعده إلا من نسله وقد كان له ولدان اصطفاهما الله بالنبوة وهما إسماعيل جد العرب ومن نسله بعث الله النبي محمد ﷺ أما الآخر فهو إسحاق وقد رزقه الله نبيًا اسمه يعقوب ويلقب بإسرائيل وإليه ينسب بنو إسرائيل مع أنبيائهم. وقد أشار القرآن إلى أبوة إبراهيم للأنبياء بقوله عن إبراهيم: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلًا هدينا ونوحًا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين، وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين، وإسماعيل واليسع ويونس ولوطًا وكلًا فضلنا على العالمين) الأنعام/٨٤ - ٨٦. وقد دعا إبراهيم ﵇ قومه في العراق إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأوثان التي لا تنفع ولا تضر قال تعالى: (وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، إنما تعبدون من دون الله أوثانًا وتخلقون إفكًا، إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقًا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون) العنكبوت/١٦-١٧. وقد أراد إبراهيم ﵇ أن يحرر قومه من عبادة الأصنام. ويخلصهم من الخرافات والأساطير فسأل قومه عن هذه الأصنام كما قال تعالى: (واتل عليهم نبأ إبراهيم، إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون، قالوا نعبد أصنامًا فنظل لها عاكفين، قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون، قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) الشعراء/٦٧ - ٧٤. ثم بين لهم أن لا ينقادوا لغيرهم بلا عقل كالبهائم وقرر لهم الحقيقة العظمى وهي عبادة الله وحده الذي بيده ملكوت كل شيء: (قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون، أنتم وآباؤكم الأقدمون، فإنهم عدو لي إلا رب العالمين، الذي خلقني فهو يهدين، والذي هو يطعمني ويسقين، وإذا مرضت فهو يشفين، والذي يميتني ثم يحيين، والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين) الشعراء/٧٥ - ٨٢. وقد كان أبو إبراهيم من عبدة الأصنام وكان ينحتها ويبيعها فعز على إبراهيم كفر أبيه فخصه بالنصيحة وقال له: (يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئًا، يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطًا سويًا) مريم/٤٢ - ٤٣. ولكن أباه لم يستجب له بل هدده بالرجم والهجر فقال: (أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليًا) مريم/٤٦. فما كان من إبراهيم إلا أن تركه وقال له: (سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيًا) مريم/٤٧. وظل إبراهيم يستغفر لأبيه ويرجو ربه هدايته فلما تبن له أنه عدو لله تبرأ منه وترك الاستغفار له قال تعالى: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاّ عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم) التوبة/١١٤. ولما أصر قوم إبراهيم على عبادة الأصنام أراد إبراهيم أن يبين لهم بالبرهان العملي أن تلك الأصنام لا تضر ولا تنفع بعد أن لم يؤثر في قومه الوعظ والإرشاد: (فنظر نظرة في النجوم، فقال إني سقيم، فتولوا عنه مدبرين، فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون، ما لكم لا تنطقون، فراغ عليهم ضربًا باليمين) الصافات/٨٨-٩٣. وقد كسر إبراهيم الأصنام إلا الكبير فتركه لعلهم يسألونه عمن فعل ذلك: (فجعلهم جذاذًا إلا كبيرًا لهم لعلهم إليه يرجعون) الأنبياء/٥٨. فلما رجعوا من عيدهم الذي خرجوا له رأوا الأصنام مكسرة واتهموا إبراهيم فقال لهم: (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون) الأنبياء/٦٣. ولما كانوا يعلمون أن تلك الأصنام لا تنطق لأنها جمادات حينئذ قالوا لإبراهيم: (لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) الأنبياء/٦٥. فلما اعترفوا بعجز تلك الأصنام قال لهم إبراهيم: (أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئًا ولا يضركم، أفٍ لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون) الأنبياء/٦٧. ولما انقطعت حجتهم لجأوا إلى استعمال القوة فقالوا: (حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين) الأنبياء/٦٨. فجمعوا حطبًا كثيرًا وأضرموه نارًا لها شرر ولهب عظيم ثم ألقوا إبراهيم ﵇ في تلك لنار فقال حسبي الله ونعم الوكيل فأنجاه الله منها وجعلها عليه بردًا وسلامًا، وأبطل كيد أعدائه: (قلنا يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم، وأرادوا به كيدًا فجعلناهم الأسفلين) الأنبياء/٦٩-٧٠. ولما نجا إبراهيم من النار أمره الله بالخروج والهجرة من أرض العراق إلى الأرض المقدسة في الشام فتزوج ابنة عمه - سارة - وخرج بها مهاجرًا مع ابن أخيه لوط إلى بلاد الشام كما قال سبحانه: (ونجيناه ولوطًا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين) الأنبياء/٧١. ثم نزلت بأرض الشام ضائقة شديدة فنزح إبراهيم إلى مصر ومعه زوجته ثم عاد منها إلى فلسطين ومعه زوجته - سارة - وجارية لها تدعى - هاجر - ورغب إبراهيم في الذرية وزوجته كانت عقيمًا وقد تقدمت بها السن ولما رأت رغبة زوجها في الولد أهدت إليه جاريتها -هاجر - فتزوجها ورزق منها ابنه إسماعيل: (رب هب لي من الصالحين، فبشرناه بغلام حليم) الصافات/١٠٠-١٠١. وبعد أن ولدت هاجر إسماعيل ثارت الحسرة والغيرة في نفس سارة فطلبت من إبراهيم إقصاءهما عنها فأوحى الله إلى إبراهيم أن يأخذ هاجر وإسماعيل الرضيع ويذهب بهما إلى مكة فسار بهما وأنزل هاجر وطفلها إسماعيل في مكان قفر موحش ليس فيه ماء ثم تركهما وقفل راجعًا إلى فلسطين فقالت له هاجر لمن تتركنا بهذا الوادي القفر الموحش؟ ولكن إبراهيم مضى وتركها فقالت حينئذ آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، فقالت: إذن لا يضيعنا الله. واستسلم إبراهيم لأمر ربه وصبر على فراق زوجته وولده ثم التفت إليهم في مكانهم عند البيت الحرام ودعا بهذه الدعوات: (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) إبراهيم/٣٧. مكثت هاجر في مكة تأكل من الزاد وتشرب من الماء اللذين تركهما إبراهيم لها ولابنها فلما نفد ذلك عطشت وعطش ابنها فطلبت الماء وصعدت جبل الصفا فلم ترى شيئًا ثم صعدت جبل المروة فلم ترى شيئًا فعلت ذلك سبع مرات ثم التفتت إلى إسماعيل فإذا الماء ينبع من تحت قدميه ففرحت وشربت وسقت ابنها ثم جاءت قبيلة - جرهم - إلى هاجر واستأذنوها في السكن عند الماء فأذنت لهم فسكنوا بجوارها ولما كبر إسماعيل تزوج منهم وتعلم العربية منهم. وفي تلك الفترة كان إبراهيم يزور ابنه من وقت إلى لآخر وفي إحدى الزيارات رأى إبراهيم في المنام أنّ الله يأمره بذبح ابنه إسماعيل ورؤيا الأنبياء حق فعزم إبراهيم على تنفيذ أمر الله مع أنه في سن الشيخوخة وإسماعيل ابنه الوحيد قال تعالى: (فبشرناه بغلام حليم، فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين، فلما أسلما وتله للجبين، وناديناه أن يا إبرهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين، إن هذا لهو البلاء المبين، وفديناه بذبح عظيم) الصافات/١٠١-١٠٧. ثم بشره الله بولد آخر وهو إسحاق ثم رجع إبراهيم إلى فلسطين: (وبشرناه بإسحاق نبيًا من الصالحين) الصافات/١١٢. وولد له إسحاق من زوجته سارة: (وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) هود/٧١. ثم أقام إبراهيم في فلسطين مدة ثم جاء إلى مكة مرة أخرى لأمر عظيم فقد أمره الله أن يبني في مكة أول بيت يقام لعبادة الله فقام إبراهيم بالبناء وابنه إسماعيل يناوله الحجارة فلما ارتفع البنيان قام إبراهيم على حجر وهو مقام إبراهيم الموجود حول الكعبة قال تعالى: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) البقرة/١٢٧. وقد أمر الله إبراهيم وإسماعيل أن يطهرا البيت من الأصنام والنجاسات ليكون طاهرًا للطائفين والقائمين والركع السجود ولما بنى إبراهيم البيت أمره الله أن يدعوا الناس للحج بقوله تعالى: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) الحج/٢٧. ثم دعا إبراهيم ﵇ بهذه الدعوات العظيمة لمكة ومن فيها: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدًا آمنًا وأرزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلًا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير) البقرة/١٢٦. ثم دعا له ولذريته بقوله: (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم) البقرة/١٢٧-١٢٨. ثم دعا لأهل الحرم أن يبعث الله فيهم رسولًا منهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده فقال: (ربنا وابعث فيهم رسولًا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) البقرة/١٢٩. وقد استجاب الله دعاء نبيه إبراهيم فجعل مكة بلدًا آمنًا ورزق أهلها من الثمرات وبعث فيهم رسولًا منهم هو خاتم الأنبياء والمرسلين محمد ﷺ فلله الحمد والشكر وقد كانت النبوة والرسالة بعد إبراهيم في بني إسرائيل زمنًا طويلًا حتى بعث الله محمدًا ﷺ من نسل إسمايل رسولًا إلى الناس جميعًا وأمره بقوله: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا) الأعراف/١٥٨. وقد أمر الله محمدًا ﷺ أن يتبع ملة إبراهيم فقال سبحانه: (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين) النحل/١٢٣. وكانت وصية إبراهيم إلى أبنائه هي التمسك بدين الإسلام والعمل به حتى الممات قال تعالى: (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلاّ وأنتم مسلمون) البقرة/١٣٢. اللهم صل على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. ومن الأنبياء في زمان إبراهيم ﵇ لوط، وإسماعيل، وإسحق، ويعقوب ثم يوسف، ثم شعيب ثم أيوب ثم ذو الكفل ثم أرسل الله موسى وهارون عليهما وعلى سائر الأنبياء أفضل الصلاة والسلام. [الْمَصْدَرُ] من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري.

1 / 221