في شروح الحديث، وبين طريقة الفقهاء في كتب الفقه، فهو يبتدئ كل باب بحديث مسند إن كان، وقد يذكر قبله بعض الآيات القرآنية إن صح الاستدلال به، ثم يذكر الأحكام الفقهية المستخرجة من هذه الأدلة، ومن غيرها مما يدخل تحت هذا الباب، وقد يستدل لبعض هذه الأحكام بأدلة حديثية غير مسندة غالبًا، وبأدلة أخرى، ولعل من أعظم مميزاته وأجمل عاداته في تصانيفه كلها، أنه إذا كان في المسألة حديث صحيح أو أثر صحيح قال: ثبت عن النبي ﷺ، أو ثبت عن عمر، وعلي كذا وكذا، أو صح عنهم كذا كذا.
وإذا كان فيها حديث ضعيف أو أثر غير صحيح قال: روينا عن النبي ﷺ، وعن عمر وعلي كذا وكذا، وهذا الأدب الرفع الذي سلكه هو طريق حذاق المحدثين، وقد أهمله أكثر الفقهاء (١).
قال النووي: وله عادات جميلة في كتابه الإشراف، أنه إن كان في المسألة حديث صحيح قال: ثبت عن النبي- ﷺ-كذا، أو صح عنه كذا، وإن كان فيها حديث ضعيف قال: روينا أنه يروى عن النبي ﷺ كذا، وهذا الأدب الذي سلكه هو طريق حذاق المحدثين، وقد أهمله أكثر الفقهاء وغيرهم من أصحاب باقي العلوم، ثم له من التحقيق ما لا يدان فيه، وهو اعتماده ما دلت عليه السنة الصحيحة عمومًا أو خصوصًا بلا معارض، فذكر مذاهب العلماء، ثم يقول في أحد المذاهب: وبهذا أقول، ولايقول ذلك إلا فيما كانت صفته كما ذكرته، وقد يذكر دليله في بعض المواضع، ولا يلزم التقيد في الاختيار بمذهب أحد بعينه، ولا يتعصب لأحد، ولا على أحد على عادة أهل الخلاف، بل يدور مع ظهور الدليل ودلالة السنة الصحيحة، ويقول بها مع من كانت (٢).
_________
(١) كذا ذكر النووي تهذيب الأسماء واللغات ١ ق ٢/ ١٩٧
(٢) تهذيب الأسماء واللغات. ١ ق ٢/ ١٩٧.
1 / 27