في اختلاف العلماء كتبا لم يصنف أحد مثلها، واحتاج إلى كتبه الموافق والمخالف (١).
وقال النووي: ولا يلتزم التقيد في الاختيار بمذهب أحد بعينه، ولا يتعصب بأحد، ولا على أحد، على عادة أهل الخلاف، بل يدور مع ظهور الدليل ودلالة السنة الصحيحة، ويقول بها مع من كانت، ومع هذا فهو عند أصحابنا معدود من أصحاب الشافعي، مذكور في جميع كتبهم في الطبقات (٢).
وذكر الذهبى قول النووي وقال: قلت: ما يتقيد بمذهب واحد إلا من هو قاصر في التمكن من العلم كأكثر علماء زماننا، أو من هو متعصب (٣).
والحق كما قال الذهبي، فإنه كان يأخذ بالقول الذي يؤيده الدليل، ولا يتعصب لقول أحد، ولا على أحد، وكان إذا خالف قول أحد من الفقهاء الدليل رده، وبين مخالفته للدليل، والأمثلة على ذلك كثيرة، ولذا قال الذهبى: كان غاية في معرفة الاختلاف والدليل، وكان مجتهدا لا يقلد أحدًا (٤).
٦ - مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:
لقد بلغ ابن المنذر ذروة العلم في الفقه والحديث، فإن يعرف بفقيه مكة وشيخ الحرم، ومؤلفاته التي أتقنها وأجاد فيها تشهد بذلك.
والمؤلف ﵀ قد غلب عليه الجانب الفقهي، والتخصص في فن الخلاف حتى صار إمام هذا الفن بحق، ونهج في هذا الفن منهجًا لم أره في كلب معاصريه، فقد توسع ذكر أقوال أهل العلم، وفي الاستدلال لها بالكتاب والسنة وأقوال
_________
(١) ط. الفقهاء /٨٩.
(٢) تهذيب الأسماء واللغات ١ق ٢/ ١٩٧.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٤/ ٤٩١.
(٤) تذكرة الحفاظ ٣/ ٧٨٢.
1 / 15