Isharat Icjaz
إشارات الإعجاز
Investigator
إحسان قاسم الصالحي
Publisher
شركة سوزلر للنشر
Edition Number
الثالثة
Publication Year
٢٠٠٢
Publisher Location
القاهرة
Genres
ان قلت: ان في التمثيل نورًا فأين نور المنافق حتى يتم تطبيق التمثيل؟.
قيل لك: ان لم يكن في الشخص نور ففي محيطه يمكن له الاستنارة.. وان لم، ففي قومه يمكن الاستضاءة.. وان لم، ففي نوعه يمكن له الاستفادة.. وان لم، ففي فطرته كان يمكن له الاستفاضة كما مر.. وان لم تقنع، ففي لسانه بالنظر الى نظر غيره أو بالنظر الى نفسه لترتب المنافع الدنيوية.. وان لم، فباعتبار البعض من الذين آمنوا ثم ارتدوا.. وان لم، فيجوز ان يكون النور اشارة الى ما استفادوا كما ان النار اشارة الى الفتنة.. وان لم ترض بهذا أيضًا، فبتنزيل امكان الهداية منزلة وجودها كما أشار اليه اشتروا الضلالة بالهدى فانه هو الجار الجنب للتمثيل.
أما وجه النظم بين الجمل: فاعلم! ان نظم جملة (مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا) مناسبتُها للموقع.
نعم، حال هذا المستوقد على هذه الصورة تطابق مقتضى حال الصفّ الأول من مخاطبي القرآن الكريم وهم ساكنو جزيرة العرب؛ اذ ما منهم الا وقد عرف هذه الحالة بالذات أو بالتسامع ويحس (١) بدرجة تأثيرها ومشوشيتها؛ اذ بسبب ظلم الشمس يلتجئون الى ظلمة الليل فيسيرون فيها. وكثيرًا مايغمى عليهم السماء فيصادفون حزن الطرق وقد ينجر بهم الطريق الى الورطة.. وأيضًا قد يجولون في معاطف الكهوف المشحونة بالمؤذيات فيضلون الطريق فيحتاجون لإيقاد النار أو اشتعال المصباح ليبصروا رفقاءهم حتى يستأنسوا ويروا أهبتهم وأشياءهم كي يحافظوا عليها، ويعرفوا طريقهم ليذهبوا فيها ويتراءى لهم الضواري والمهالك ليجتنبوا. فبينما هم استضاؤا بنورهم اذ اختطفتهم آفة سماوية.. وبينما هم في ذروة كمال الرجاء وآن الظفر بالمطلوب اذ سقطوا في حضيض اليأس المطلق. فنص على هذا الحال بقوله:
(فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم) . اعلم! ان هذه "الفاء" تشير الى انهم أوقدوا النار ليستضيؤا فاضاءت فاطمأنوا بالاستضاءة فتعقبهم الخيبة وسقطوا في أيديهم. وما أشد تأثير العدم عليهم في آن انتظار الحصول!. ثم ان هذه الشرطية تستلزم استلزام الاضاءة لذهاب النور. وخفاء هذا الاستلزام يشير الى تقدير ما يظهر
(١) وأحسّ (ش)
1 / 127