124

Isharat Icjaz

إشارات الإعجاز

Investigator

إحسان قاسم الصالحي

Publisher

شركة سوزلر للنشر

Edition Number

الثالثة

Publication Year

٢٠٠٢

Publisher Location

القاهرة

Genres

ثم اعلم! ان مدار النظر في آيتنا هذه، وهي (مثلهم كمثل الذي استوقد) الخ..: أوّلًا: نظمها بسابقها.. وثانيًا: النظم بين جملها.. وثالثًا: نظم كيفية جملة جملة؛ فمع استحضار مامضى: اعلم! ان القرآن الكريم لما صرّح بحقيقة حال المنافقين ونص على جنايتهم عقّبها بالتمثيل لثلاث نكت: - إحداها: تأنيس الخيال الذي هو أطوع للمتخيلات من المعقولات، وتأمين اطاعة الوهم الذي شأنه التشكيكات ومعارضة العقل وانقياده باظهار الوحشي بصورة المأنوس، وتصوير الغائب بصورة الشاهد. والثانية: تهييج الوجدان وتحريك نفرته ليتفق الحسُ والفكر بتمثيل المعقول بالمحسوس. والثالثة: ربط المعاني المتفرقة واراءة رابطة حقيقية بينها بواسطة التمثيل.. وأيضا الوضع نصب عين الخيال ليجتني بالنظر الدقائقَ التي أهملها اللسان. واعلم! ان مآل جمل هذه الآية كما يناسب مآل مجموع قصة المنافقين؛ كذلك يناسب آيةً آيةً منها. ألا ترى ان مآل القصة انهم آمنوا صورةً للمنافع الدنيوية.. ثم تبطنوا الكفر.. ثم تحيروا وترددوا.. ثم لم يتحرّوا الحق.. ثم لم يستطيعوا الرجوع فيعرفوا. وما أنسب هذا بحال من أوقدوا لهم نارًا أو مصباحًا.. ثم لم يحافظوا عليها.. ثم انطفأتْ.. ثم اُظلموا.. ثم لايتراءى لهم شئ حتى يكون كل شئ معدومًا في حقهم!. فلسكون الليل كأنهم صمّ، ولتعامي الليل وانطفاء أنواره كأنهم عُميٌ، ولعدم وجود المخاطَب والمغيث لايستغيثون كأنهم بُكم، ولعدم استطاعة الرجوع كأنهم أشباح جامدة لا أرواح لها. ثم ان في المشبَّه به نقطًا أساسية تناظر النقط الأساسية في المشبه. مثلا: الظلمة تنظر الى الكفر، والحيرة الى التذبذب، والنار الى الفتنة. وقس!..

1 / 126