184

Isharat

الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

Investigator

محمد حسن محمد حسن إسماعيل

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

فإن خاف شيئا من ذلك فالإسرار أفضل، وربما وجب. وتحقيق القسمة: أن الذاكر وكل طائع إن قصد التأسي به وأمن المحبط استحب له الجهر، وإن خاف المحبط أو لم يقصد التأسي أو قصده، وليس أهلا له وجب الإسرار، وإن قصد التأسي وخاف المحبط فالأحوط الإسرار. وإن لم يقصد التأسي؛ ولا خاف المحبط جاز الأمران، وفي أيهما أفضل؟ احتمالان؛ أصحهما الإسرار للحديث: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي» (١). / [١١٨/ل] واختصاص ذكره بالذات القديمة أفضل من ذكره في ملأ الملائكة، ﴿وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا.﴾ ﴿أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذابًا مُهِينًا﴾ (١٥١) [النساء: ١٥١] اعلم أن هذا توسط في الصورة، وهو انحراف في الحقيقة، فلذلك ذم بخلاف باقي التوسطات نحو: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ (٢٩) [الإسراء ٢٩]. ﴿قُلِ اُدْعُوا اللهَ أَوِ اُدْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَاِبْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا﴾ (١١٠) [الإسراء ١١٠]. ﴿وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوامًا﴾ (٦٧) الفرقان [٦٧] ونحوها، فإن التوسط فيها محمود. وتحقيق ذلك أن الحق لما كان تابعا للبرهان فتارة يكون في الوسط، وتارة يكون في الطرف، فإذا كان في الوسط كان التطرف انحرافا مذموما، كما في قوله ﷿: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [الإسراء ٢٩] فهذان طرفان مذمومان والحق في الواسطة، وهو القصد بين الإسراف والتقتير، وإذا كان الحق في الطرف كان التوسط انحرافا مذموما كما في هذه الآية، فإن الإنسان إما يؤمن بالله- ﷿-وبرسله، أو يكفر بهما جميعا، أو يؤمن بالبعض ويكفر بالبعض، فالحق في الطرف الأول، فالثاني مع الواسطة انحراف باطل، والغالب هو القسم الأول، وهو كون

1 / 186