اختلاف فيها [لإتقان مصنفها له] وتدبرهم إياها.
وجوابه من وجهين: أحدهما أن مثل القرآن في نظمه وطريق إعجازه لو قدر أن بشرا تكلفه في مثل حجمه للزمه الاختلاف لو عورة طريقه على السالك غير المعصوم.
الثاني: أنه لو تكلفه بشر بغير إذن إلهي لأعجزه الله فيه بوقوع الاختلاف فيه الدال على كذبه لما عرف من أنه-﷿-لا يؤيد بالمعجزة كذابا، تمييزا للصادق من غيره.
﴿اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثًا﴾ (٨٧) [النساء: ٨٧].
هاهنا مسألتان: إحداهما: التوحيد الذي هو مقتضى لا إله إلا الله.
والثانية: المعاد والحشر ليوم القيامة، وسيأتي برهانهما في موضعه إن شاء الله-﷿.
﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثًا﴾ (٨٧) [النساء: ٨٧] عام مطرد، أي: لا أحد أصدق منه حديثا، وفيه تقرير لدعوى التوحيد والمعاد المذكورين في سياقه ﴿أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ﴾ الآية، هي من قواصم الظهر على المعتزلة لتصريحها بإسناد الإضلال إلى الله ﷿-وتأويلهم المشهور وهو أن معنى (أضل الله) أصابه ضالا من باب: أبخلت زيدا وأجبنته إذا أصبته كذلك لا يتجه هاهنا؛ لأن معنى الآية: أتريدون أن/ [٥١ ب/م] تناقضوا حكم الله-﷿-فتجعلون مهتديا من جعله الله-﷿-ضالا! ليس لها معنى إلا هذا، وهو [يأبى] تأويلهم
﴿فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ (٨٨)
[النساء: ٨٨] يعني إلى الرشد؛ لأن من يضله الله-﷿-يسد عليه طرق الاهتداء بما يخلق في نفسه من الصوارف عنه والدواعي إلى الضلال، ويطبع على قلبه ومن يفعل الله-﷿-ذلك به لا يجد إلى الرشد سبيلا وهو عام مطرد.