Isharat
الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية
Investigator
محمد حسن محمد حسن إسماعيل
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
لنمروذ فيه، وقد تضمنت هذه الآية جواز المناظرة في طلب الحق، وتقرير الأدلة، وحذف بعض مقدماتها للعلم بها، وهو المسمى قياس الإضمار، والتنزل مع الخصم على تقدير التسليم، وإبطال الشبه والشكوك، وإلزام الخصم ما يفهمه، وجواز مناظرة السوفسطائية ونحوهم من منكري الحقائق ونحوهم، بما يقيم الحجة عقلا أو حسا، وقيام الحجة بانقطاع الخصم وانقطاعه بالعجز عن تمشية الدليل إذ لم يكن خائفا، وتضمن شرف علم الجدل والأصول والنظر في المعقول، والكلام في التوحيد به، وإمام الناس فيه إبراهيم ﵇.
[فلا جرم] قيل: ﴿وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اِجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاِعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ (٧٨) [الحج: ٧٨].
﴿وَقالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (١٣٥) [البقرة: ١٣٥].
﴿ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اِتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (١٢٣) [النحل: ١٢٣]، ولا جرم لما أمر نبينا ﷺ باتباع ملة إبراهيم ورد كتابه القرآن مملوءا من المباحث الجدلية مشحونا بالحقائق النظرية، في هذا منقبة عظيمة للمتكلمين والأصوليين وأهل النظر. ولكن أكثر الناس لا يعقلون ولأجل هذا وضعنا هذا الكتاب.
﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَاُنْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنّاسِ وَاُنْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْمًا فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (٢٥٩) [البقرة: ٢٥٩].
هذا من حجج البعث والمعاد كما في إحياء البقرة الألوف ﴿وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ﴾
1 / 108