الثاني: أن يكذب الراوي ويقطع بأنه لم يحدثه، فإما إن شك المروي عنه، فقد ذهب جمهور أصحابنا، وأصحاب أبي حنيفة، وأصحاب الشافعي إلى وجوب العمل به.
ذهب الكرخي إلى أنه لا يجب العمل به.
والدليل على ما نقوله إن نسيانه لا يكون أكثر من موته، وقد أجمعنا على أن موته لا يسقط العمل به، وكذلك نسيانه.
فأما إذا قطع أنه من يحدث به فهو على ضربين أَيضًا:
أحدهما: أن يقول: هو في روايتي ولم أحدث به الراوي، فهذا لا يمنع وجوب العمل به من جهة المروي عنه.
وأما إذا قال: "لم أروه قط"، فهذا لا يجوز الاحتجاج به جملة، لأن المروي عنه إذا كان كذبًا فقد بطل الخبر من جهته، وإن كان صادقًا، فقد بطل الخبر أَيضًا لإخباره أنه لم يروه.
فَصْلٌ
رواية العدل الثبت، الحافظ، المتقين الزيادة في الخبر على رواية غيره معمول بها خلافًا لبعض أصحاب الحديث في قولهم: لا تقبل الزيادة من العدل على الإطلاق ولبعض المتفقه في قولهم: تقبل الزيادة من العدل على الإطلاق، والدَّلِيل على ما نقوله إنه لو شهد شاهدان لرجل على غريمه بألف [دينار]، وشهد شاهدان آخر بألف وخمسمائة أخذنا بالزيادة، فكذلك إذا انفرد بنقل زيادة في الخبر.
فَصْلٌ
يجب العمل بما نقل على وجه الإجازة، وبه قال عامّة العلماء وقال أهل الظاهر: لا يجوز بالإجازة إلا أن تكون مناولة أو أن يكتب إليه المجيز أن الكتاب الفلاني، أو الديوان الفلاني، يعد من ذلك من روايتي عن فلان فاروِ ذلك عني.
والدليل على ما نقوله: إن من كتب إلى غيره أن ديوان الموطأ أو غيره من الكتب المعلومة روايتها على زيد، فاروه عني إذا صح عندك فيحتاج في إثبات كتاب عنده إلى نقل الثقات، ولم يحتاج في تصحيحه كتاب الموطأ العلم بأنه مماثل لأصل المجيز له إلى نقل الثقة أَيضًا، فتحصل به الرواية بعد ثبات ذلك عنده من طريقين.
1 / 67