العتق بالأيمان. وأما إِن وإن من جنسين، فلا يخلو أن يتعلق بسببين مختلفين أو بسبب واحد، فإن تعلق بسببين مختلفين نحو أن يقيد الرقبة في القتل بالأيمان ويطلقها في الظهار، فإنه لا يحمل المطلق على المقيّد عند أكثر أصحابنا إِلا بدليل يقتضي ذلك.
وقال بعض أصحابنا وأصحاب الشَّافِعِيّ: يحمل المطلق على المقيد من جهة وضع اللُّغة.
والدليل على ما نقوله إن الحكم المطلق غير مقيد، وإِطلاق المقيد يقتضي نَفْي التقيد عنه كما أن تقيُّد المطلق يقتضي نفي الإطلاق عنه، فلو وجب تقيد المطلق، لأن من جنسه ما هو مقيد لوجب إطلاق المقيد، لأن من جنسه ما هو مطلق.
وأما إذا كان متعلِّقين بسبب واحد، مثل أن ترد الزَّكاة في موضع مقيّدة بالسَّوْم، وترد في موضع آخر مطلقة، فإِنَّه لا يجب عند أكثر أصحابنا أَيضًا حمل المطلق على المقيد، ومن أصحابنا من أوجب ذلك، وهو من باب دليل الخِطَاب ثِقَة، وقد أجمعنا على أنه لو قال ذلك لوجب تقليده في تعديله، فكذلك إِذا أرسل عنه.
فَصْلٌ
إذا روى الراوي الخبر وترك العمل به لم يمنع ذلك وجوب العمل به عند أكثر أصحابنا.
وقال بعض أصحابنا وأصحاب أبي حنيفة، إن ذلك يبطل وجوب العمل به.
والدليل على ما نقوله إن خبر النبي ﷺ إذا ورد وجب على الصحابة وغيرهم امتثاله، إلا أن يدل دليل على نسخه، وليس إذا تركه تارك مما يسقط وجوب العمل به عمن بلغه، ولذلك استدللنا بخبر ابن عباس في أن الأمة إِذا أُعتقت تحت عبد، فخيرت بخبر بريرة أنها عتقت تحت عبد فخيرت، وإن كان مذهب ابن عباس أن بيع الأمة طلاقها.
فَصْلٌ
إذا روى الراوي الخبر، فأنكره المروِيّ عنه، فإن ذلك على ضربين:
أحدهما: أن يتوقف فيه، ويَشك هو.
1 / 66