كتابًا إن شاء الله تعالى في أشراط الساعة، وآخر في أحوال البعث والقيامة، وصفة الجنة والنار، على وجه الاستيعاب أيضًا، حقق الله ذلك بمنه وكرمه) انتهى، ووجدته قد ألّف في أحوال البعث وما بعده كتابًا وسماه "البدور السافرة في أمور الآخرة"، ولم أجد له كتابًا في أشراط الساعة؛ إما لعدم تأليفه، أو لانعدامه، أو لغير ذلك أحببتُ أن أُؤلِّفَ في أشراط الساعة كتابًا مستوعبًا لها؛ كما أراد الحافظ السيوطي، فيكون برزخًا بين كتابيه: "شرح الصدور"، و"البدور السافرة"، أو مقدمةً لهما.
وتوكلت في ذلك على الله تعالى، مستعينًا به فأقول:
قد قال تعالى: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١)﴾.
وقال تعالى: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (٦٣)﴾.
وقال تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٦٦)﴾.
وقال تعالى: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾.
إلى غير ذلك من الآيات.
وأما الأحاديث فلا تَكادُ تَنحصِر؛ كما سيأتي بعضها إن شاء الله تعالى.
ولما كانت الدنيا لم تُخْلق للبقاء ولم تكن دار إقامة، وإنما هي منزلٌ من منازل الآخرة، جُعِلت للتزود منها إلى الآخرة، والتهيُّئ للعرض على الله ولقائه، وقد آذنت بالانصرام وولَّت لذا كان حقًا على كل عالم أن يُشِيع أشراطها، ويبثَ الأحاديث والأخبار الواردة فيها بين الأنام، ويَسرُدها مرةً بعد أخرى على العوام، فعسى أن ينتهوا عن بعض الذنوب، ويلين منهم بعض القلوب، وينتبهوا من سِنَة الغفلة، ويغتنموا المُهْلة قبل الوَهلة.
فدعاني ذلك إلى أن أبسط فيها القول بعض البسط؛ ولو أدى إلى التكرار، لا كَمَن جمع فيها أوراقًا على سبيل الاختصار؛ تبصرةً لأهل الاغترار، وتَذكرةً لأُولي الأبصار، ووسيلةً إلى رضى الجبار، وذريعةً إلى دار القرار.
والله أسأل أن يُخلص نِيتي، ويُحسن طَويتي، فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل
1 / 26