وربما كان من أسباب تلك الرحلة اتجاه الحكام الفاطميين إلى تشجيع الحركة الثقافية في مصر باستقطاب العلماء وإكرامهم، وإنشاء دور العلم والمكتبات لأغراض سياسية ومذهبية أومأ إلينا في حديثنا عن عصره (^١).
ويمكن أن نقدر تاريخ رحيله من هراة بإحدى السنوات الواقعة بين عامي (٣٩٢ - (٣٩٩) هـ) وذلك إذا علمنا أن شيخه بمصر أبا أسامة الهروي قتل سنة (٣٩٩) هـ وكان عمر أبي سهل - حينئذ - سبعة وعشرين عاما، وقد أخذ بهراة قبل رحيله عنها عن أبي عبيد الهروي المتوفى سنة (٤٠١) هـ، والسن التي تسمح للتلميذ بالأخذ عن العلماء تكون - عادة - بعد الخامسة عشرة، فإذا افترضنا - على ضوء ذلك - أنه ظل مقيما بهراة إلى أن ناهز عمره عشرين سنة، فإن ما ذكرناه يكون أقرب إلى الصواب.
ولعله في أثناء قدومه إلى مصر عرج على نيسابور، أو شيراز، أو بغداد، أو حلب، وهي من حواضر العلم المزدهرة في عصره، لكن ليس لدينا ما يثبت ذلك، والثابت لدينا أنه سمع الحديث ببيت المقدس، كما ذكر ذلك أبو سهل عن نفسه فيما رواه عنه الحافظ السلفي في معجم السفر (^٢)، ولكن لم تذكر لنا المصادر متى كانت رحلته إلى بيت المقدس، هل كانت في أثناء قدومه من هراة إلى مصر، أم بعد أن نزل مصر واستوطنها؟
وقد تمكن بعد وصوله إلى مصر من الالتقاء بعلمائها والأخذ عنهم،
_________
(^١) ص ٦٨.
(^٢) ص ٤٦٣.
1 / 76