Isbah Cala Misbah
الإصباح على المصباح
Genres
وأما شبههم السمعية، فأقواها قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}[النساء:116] ففي ظاهرها تصريح بمغفرة ما دون الشرك لولا قوله: {لمن يشاء} وهي أعظم مستند المرجئة وأبلغ متمسكاتهم، ولهذا قال صاحب زهر الكمائم: هذه الآية سيوف وخناجر على حناجر المعتزلة.
وقال الإمام المهدي -عليه السلام-: ولعمري أن هذه الآية الكريمة كالمصرحة بأنه سبحانه يغفر ما دون الشرك من غير توبة، ولكنه لما قال: {لمن يشاء} صارت مجملة، ووجه الاستدلال بها أن الله لا يغفر أن يشرك به تفضلا؛ لأنه قد ثبت أنه يغفره بالتوبة.
قالوا: فيجب أن يكون التقدير: {ويغفر ما دون ذلك} تفضلا وذلك عام في الصغائر والكبائر.
وأيضا فلو حمل ما دون ذلك على الصغائر أو الكبائر مع التوبة لكان لا وجه لتعلقه بالمشيئة؛ لأنه إنما يعلق على المشيئة في وضع اللسان مالم يكن مستحقا، ألا ترى أنه لا يحسن أن يقال: فلان يقضي الدين لمن يشاء من المستحقين، ويحسن أن يقال: الملك يخلع على من يشاء.
وأيضا فإنه تعالى أضاف الغفران إلى نفسه، والذي يتعلق به من المغفرة ليس إلا مغفرة أصحاب الكبائر دون التائب وأصحاب الصغائر، فإن التائب لتوبته وصاحب الصغيرة باجتنابه الكبائر.
وأيضا فما دون الشيء إنما يستعمل فيما قاربه، فيكون المراد الكبائر ، كما أن القائل إذا قال: الألف فما دونه لم يحمل ما دونه على العشرة، وإنما يحمل على تسع مائة ونحوها.
Page 97