أما الجواز فيجوز أن يخلف الله وعده بالنظر إلى الثواب بناء
على قاعدتهم الفاسدة أنه لا يقبح منه قبيح، (والدليل على ذلك) القول الصحيح (أن النبي كان يدين بذلك ويخبر به)؛ لأن من المعلوم ضرورة أنه كان يدعو الخلق إلى طاعته ومبايعته، ويعدهم على ذلك الجنة، والقرآن الكريم ناطق بذلك في الآيات العديدة الظاهرة، (وهو لا يدين إلا بالحق ولا يخبر إلا بالصدق بشهادة المعجز، وأيضا فإن الأمة أجمعت على دخول المؤمنين الجنة والخلود فيها، والإجماع على ذلك ظاهر) فثبت بذلك أن المؤمنين يدخلون الجنة خالدين فيها أبدا.
(المسألة الثانية والعشرون)
أنه يجب على المكلف أن يعلم (أن من توعده الله بالنار من الكفار) فإنه وعيد مقطوع به، و(إذا مات مصرا على كفره غير تائب منه فإنه صائر إلى النار ومخلد فيها خلودا دائما)، وهذا مجمع عليه، إلا ما يحكى عن مقاتل وبعض الخراسانية، وبعض الكرامية، فذهبوا إلى أن المشرك لا يعاقب، وأنه لا معنى للشرك لكنهم يسترون هذا المذهب.
قال الإمام عزالدين -عادت بركاته-: لا ينبغي أن يكون هذا مذهبا لأحد من المسلمين، فإنه رد لما علم من ضرورة الدين، ولعل الرواية عن مقاتل غير صحيحة، وكيف يقول عاقل ممن يؤمن بالله أنه لا معنى للشرك، وهذا مقاتل قال فيه ابن خلكان: كان إماما في التفسير، انتهى.
وقال الشافعي -رحمه الله-: الناس عيال على مقاتل في التفسير، انتهى.
(والدليل على ذلك) المذهب الصحيح مع كونه معلوما من ضرورة الدين ما يعلم ضرورة من (أن النبي كان يدين بذلك ويخبر به)، وتوعده الكفار بذلك مما لا يرد ولا يخفى، (وهو لا يدين إلا بالحق ولا يخبر إلا بالصدق) بشهادة المعجز كما تقدم.
Page 90