(باب الوعد والوعيد)
حقيقة الوعد: الخبر عن إيصال نفع أو دفع ضرر إلى الغير في مستقبل الزمان من المخبر إلى المخبر.
فقولنا: الخبر جنس الحد القريب، وقولنا: عن إيصال نفع، أو دفع ضرر فصل له عن عكس ذلك، فإنه وعيد وعما ليس كذلك من الأخبار، وقولنا: في المستقبل يفصله عن الأخبار في إيصال نفع أو دفع ضرر في الماضي فليس بوعد، وقولنا: من المخبر إلى المخبر يفصله عن البشارة وهي الإخبار بإيصال ذلك من غير المخبر.
والوعيد: هو الخبر عن إيصال ضرر أو تفويت نفع...إلخ الحد المتقدم، والاحترازات فيه تعرف مما ذكر آنفا.
ثم اعلم: أنه لا يجوز خلف الوعد على الله تعالى للمثابين؛ لأن ذلك أخو الكذب، وهو يتعالى عنه؛ لأنه لا يفعل القبيح، خلافا للمجبرة، ويحسن منه العفو عن التائب لارتداعه اتفاقا ولا يحسن العفو عن العاصي غير التائب وفاقا للبلخي وابن المعتمر وخلافا للبصرية. قلنا: يصير كالإغراء وهو قبيح عقلا.
وكذا لا يجوز إخلاف الوعيد من الله تعالى للمعاقبين؛ لأنه كذب
والكذب قبيح. وقد حقق فيما سيذكر من المسائل.
(المسألة الحادية والعشرون:أنه يجب على المكلف أن يعلم أن من وعده الله بالجنة من المؤمنين فإنه إذا مات تائبا غير مصر على شيء من الكبائر فإنه صائر إلى الجنة ومخلد فيها دائما)
ولا خلاف في ذلك إلا رواية عن جهم والبطيحي فإنهما نفيا معنى الدوام وهذا بالنظر إلى السمع.
Page 89