قال الإمام عزالدين في المعراج: واعلم أن من طالع كتبهم، كالأربعين للرازي وعرف احتجاجهم، وتصفح كلامهم علم أن خلافهم معنوي، وأنهم يثبتون الرؤية التي هي الإدراك، إذا عرفت هذا فاعلم أنه لا يحتاج في الاحتجاج على هذه المسألة إلى الرد على المجسمة؛ إذ لا نزاع بيننا وبينهم فيها على الحقيقة؛ لأنهم مسلمون أن الله تعالى لو لم يكن جسما لم يصح رؤيته ونحن نسلم لهم أنه لو كان جسما لصحت رؤيته، فالكلام عليهم في إبطال التجسيم، (والدليل على ذلك) الذي ذهب إليه أهل العدل: أن من أدركته الأبصار فقد أحاطت به الأقطار؛ لأن الرؤية المعقولة إنما تكون في جهة ومقابلة، والله تعالى يتعالى عن الجهة والحلول.
قال الهادي عليه السلام: وأنها لا تدركه الأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ لأن كل ما وقع عليه البصر فمحدود ضعيف ذليل محتاج محوي محاط به له كل وبعض ولون... إلخ.
وقال: من زعم أن الأبصار تدركه، وأن العيون تراه مجاهرة فقد قال قولا عظيما، أو يقال: ويرى في القيامة بشيء مما عليه العباد فقد قال إفكا مبينا ؛ لأن كل من وقعت عليه الرؤية فمحدث، فلا عين تراه ولا يدرك بأداة.
ومعنى ذلك عن علي كرم الله وجهه في الجنة وغيره، ذكره في البدر الساري للوالد العلامة محمد بن عزالدين المفتي -رحمه الله-، وهذا الذي تقدم صدر الدليل هو الدليل المسمى دليل المقابلة.
Page 48