(المسألة الثانية: أن الله تعالى قادر)
وحقيقة القادر: هو من يصح منه الفعل مع سلامة الأحوال، هذا الحد ذكره ابن الملاحمي وبعض أصحابنا، وهو بناء على ما ذهب إليه ابن الملاحمي وأبو الحسين من أن صدور الفعل من الفاعل على سبيل الصحة والاختيار يعلم ضرورة أنه يقتضي قادريته.
وعند المتقدمين: القادر: هو المختص بصفة لكونه عليها يصح منه الفعل مع سلامة الأحوال.
فقوله المختص بصفة: جنس الحد، وقوله لكونه عليها: أي لأجل اختصاصه بها، وقوله يصح منه الفعل: فصل مخرج لما تناوله الجنس، والمراد بالصحة: ما كان على وجه الاختيار لا الصحة التي تقابل الاستحالة، فإنها لا تدل على القادرية كالمسببات، وقوله مع سلامة الأحوال: يعني مالم يكن ثم مانع أو ما يجري مجرى المانع، والمراد بالمانع: هو الضد كأن يريد أحدنا حمل شيء فيعتمد عليه من هو أكبر منه قدرا، فالمنع هو الضد لفعلك، والضد هو ما فعله الأقوى من السكون، والذي يجري مجراه هو القيد والحبس، فإنهما يمنعان من كثير من الأفعال، وهما جاريان مجرى الضد؛ لكونه يتعذر معهما الفعل كما يتعذر عند حصول الضد، أفاد هذا صاحب الغياصة.
وقيل: هو المختص بصفة؛ لكونه عليها يصح منه الفعل مالم يكن ثم مانع أو ما يجري مجراه، ولم يكن الفعل مستحيلا في نفسه كوجوده فيما لم يزل، وهذا الحد قريب من الأول، وقيل في حده: هو الذي إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل.
والقول بأن الله قادر هو قول من يقر بالصانع المختار (والدليل على ذلك) المذهب الصحيح (أن الفعل) وهو ما وجد من جهة من كان قادرا عليه، وهذا الحد اعتمده الأمير الحسين -عليه السلام- والقرشي، وقال قاضي القضاة: الفعل هو ما يحصل من قادر من الحوادث..، واعترضه السيد الإمام في الشرح، وقال الإمام المهدي -عليه السلام-: هو ما أثر في وجوده قادرية.
Page 26