فهذا الذي ذكرناه من الحث على الإبراء عن الغيبة هو الصواب.
وأما ما جاء عن سعيد بن المسيب أنه قال: لا أحلل من ظلمني.
وعن ابن سيرين: لم أحرمها عليه فأحللها له، لأن الله تعالى حرم الغيبة عليه، وما كنت لاحلل ما حرمه الله تعالى أبدًا، فهو ضعيف أو غلط، فإن المبرئ لا يحلل محرمًا، وإنما يسقط حقًا ثبت له، وقد تظاهرت نصوص الكتاب والسنة على استحباب العفو وإسقاط الحقوق المختصة بالمسقط، أو يحمل كلام ابن سيرين على أني لا أبيح غيبتي أبدًا، وهذا صحيح فإن الإنسان لو قال: أبحت عرضي لمن اغتابني لم يصر مباحًا، بل يحرم على كل أحد غيبة غيره.
وأما الحديث: (أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا خرج من بيته قال إني تصدقت بعرضي على الناس) (^١).
فمعناه: لا أطلب مظلمتي ممن ظلمني لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهذا ينفع في إسقاط مظلمة كانت موجودة قبل الإبراء.
فأما ما يحدث بعده، فلا بد من إبراء جديد بعدها، وبالله التوفيق. اهـ.
قلت: وقد ذكر العلماء أنه يُستثنى من الغيبة ما يلي: