ومن يتأمل في النخلة والمؤمن المطيع لله، يجد بينهما أوجهًا من الشبه كثيرة منها:
أن النخلة لابد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر، وكذلك الإيمان لابد له من أصل وفروع وثمر، فأصله الإيمان بأصول الإيمان الستة المعروفة، وفروعه الأعمال الصالحة والطاعات المتنوعة والقربات العديدة، وثمراتها كل خير يحصله المؤمن، وكل سعادة في الدنيا والآخرة.
والنخلة لا تبقى إلا بمادة تسقيها وتنميها، فهى لاتحيا ولا تنمو إلا إذا سقيت بالماء، فإذا حُبس عنها الماء ذبلت، وإذا قطع عنها تمامًا ماتت، وهكذا الشأن في المؤمن لا يحيا الحياة الحقيقية ولا تستقيم له حياته، إلا بسقي من نوع خاص وهو سقي قلبه بالوحي كلام الله، وكلام رسوله ﷺ قال الله تعالى ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ ﴿الأنعام: ١٢٢﴾.
وبهذا يُعلم أن شجر الإيمان في القلب إن لم يتعاهدها صاحبها في سقياها كل وقت بالعلم النافع والعمل الصالح، وإلا أوشكت أن تيبس.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم) (^١).
(^١) رواه الحاكم (١/ ٤) وحسنه الألباني في "الصحيحة" (١٥٨٥).