قوانين الرواية، سماه "الكفاية في علم الرواية" استوفى فيه البحث في قوانين الرواية، وأبان فيه عن أصولها، وقواعدها الكلية، ومذاهب العلماء فيما اختلفت آراؤهم فيه. ويعتبر هذا الكتاب أكبر مرجع في هذا الباب (١).
وصنف في آداب الرواية كتابًا، سماه "الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع" هذا الكتاب فريد في بابه قيم في موضوعه، فقد استوفى فيه الخطيب ذكر ما ينبغي للمحدث وطالب الحديث أن يتحليا به من الآداب والواجبات والأصول التي تقتضيها صنعة الحديث، بل أفاض في ذلك، وجمع فأوعى، ولم يبق زيادة لمستزيد (٢). وقل فن من فنون الحديث، إلا وقد صنف فيه كتابًا مفردًا، فكان كما قال أبو بكر ابن نقطة (ت ٦٢٩): ولا شبهة عند كل لبيب أن المتأخرين من أصحاب الحديث عيال على أبي بكر الخطيب (٣).
ثم جاء بعد هؤلاء الناس القاضي عياض (ت ٥٤٤) فأخذ من هذا العلم بنصيب وافر، وصنف كتابًا، سماه "الألماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع" وهو كتاب جيد في موضوعه، تكلم فيه المصنف على أنواع التحمل بأسرها، وقد بلغ ذروة الكمال في حديثه عن مسألة "الإِجازة" في رواية الحديث، واستوفى الكلام على وجوهها الستة، وقد أحس هو بتفوقه في شرحه لهذا الضرب من ضروب الرواية، فقال في ختامه: وقد تقصينا وجوه الإِجازة بما لم نسبق إليه (٤).