( الوجه الثاني ) أن لابس هذه العصائب على الغتر الشمغ وغيرها لم يكن مقتديا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن العمامة التي كان يلبسها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت ساترة لجميع الرأس وكان يلتحي بها تحت الحنك وهذا بخلاف هذه العصائب واسم العمامة لا يقع إلى على ما وصفنا [ العمامة في اللغة ما يلف على الرأس ويكنى بها عن المغفر والبيضة ما في القاموس وشرحه لسان العرب ، وتسمى العمامة عصابة أيضا. وهي في الأصل ما يعصب الرأس وغيره : وفي صحيح مسلم بل والسنن الأربع والشمائل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة وعليه عمامة سوداء . وفي رواية للشمائل عصابة سوداء . نعم أنهم كانوا يتحنكون بالعمائم وهو ضرب من الأعتمام ولكن ما يلف على الرأس يسمى عمامة مطلقا وقد شذ من عد الإعتمام سنة مطلقا والأظهر أنه من العادات ولكن قصد التأسي به فضيلته ومن علامته القصد وإرخاء الذؤابة والتحنيك ] .
(الوجه الثالث) أن لبس العمائم والإزر والأردية وغيرها لم يكن من خصائص الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بل كان هذا لباسه مع سائر العرب كما ذكر ذلك شيخ الإسلام فأي قربة أو فضيلة في الإقتداء به فيما كان فعله مشتركا بينه - صلى الله عليه وسلم - وبين سائر العرب مسلمهم وكافرهم ؟
(الوجه الرابع) إنا لا ننكر إباحة جعل هذه العصائب على الغتر مطلقا وإنما أنكرنا زعمهم أنها سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي سنها لأمته وشرعها وجعل ذلك شعارا يتمتيز به من دخل في هذا الدين عمن لم يدخل فيه كما بينا بطلان ذلك في غير هذا الموضع وسنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى .
( وأما قوله ) في الشمائل عن هارون الهمداني بإسناده إلى ابن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتم سدل عمامته من بين كتفيه قال نافع وكان ابن عمر يفعل ذلك قال عبيد الله : رأيت سالما والقاسم يفعلانه .
Page 38