( فالجواب ) أن يقال إذا خرج بعض من نزل في دار الهجرة إلى البادية لأجل غنمه ومن نيته الرجوع إلى مسكنه وداره التي هاجر إليها لا يقع عليه وعيد من تعرب بعد الهجرة لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه )) وهذا الذي خرج إلى غنمه ليصلحها ، ويتعاهد أحوالها ، ثم يرجع إلى مهاجره ليس من نيته التعرب بعد الهجرة ، ولا رغبة عن الإسلام وأهله ، فلا يدخل في الوعيد . وقد اعتزل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه - أيام الفتنة التي كانت بين علي ومعاوية رضي الله عنهما - في قصر له في البادية فقيل له في ذلك فقال شعرا :
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى وصوت إنسان فكدت أطير
العصائب هل هي من السنة أم لا ؟
ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ولا قال له أحد منهم : إنك تعربت بعد الهجرة وتركت دار الهجرة لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أذن في مثل هذا كما هو مذكور في محله في غير هذا الموضع .
Page 35