فما بدع في الدين تلك وإنما يراد بها من الأحداث في قرب العبد فتبين بما ذكره الشيخ أن العادات الطبيعية كالمآكل والمشارب والملابس والمراكب وغيرها نوع ، وأن المباحث الدينية والمقاصد النبوية نوع آخر لا يجعل ما هو من قسيم العادات الطبيعية ، من العبادات الشرعية الدينية ، إلا جاهل مفرط في الجهل .
وقد بلغني عن بعض الإخوان أنهم ينكرون ما كان يعتاده المسلمون من لبس العقال سواء كان ذلك العقال أسود أو أحمر أو أبيض ويهجرون من لبسه ويعللون ذلك بأنه لم يلبسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه ولم يكن ذلك يلبس في عهدهم ولا هو من هديهم ، وإذا كانت هذه العلة هي المانعة من لبس فيكون حراما ولابسه قد خالف السنة . فيقال لهم : وكذلك لم يكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه ولا التابعون لهم بإحسان يلبسون هذه المشالح لا الأحمر منها ولا الأبيض ولا الأسود ولا العبي [ المراد بالعبي جمع عباية وهي في لغة العوام والعباية وجمعها عباء وعبآت ] على اختلاف ألوانها والكل من هذه الملابس صوف ظاهر وكذلك لم يكونوا يلبسون الغتر الشمغ على اختلاف ألوانها فلأي شيء كانت هذه الملابس حلالا مباحا لبسها ؟ وهذه العقل محرمة أو مكروهة لا يجوز لبسها ؟ والعلة في جميع واحدة على زعمهم ، مع أن هذا لم ينقل عن أحد من العلماء تحريمه ولا كراهته .
Page 32