( الوجه الأول ) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث في النبوة أربعين سنة ولباسه لباس العرب المعتاد من الأزر والسراويل [ لم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يلبس السراويل بل ورد في روايات ضعيفة ولكن اشتراه وأمر بلبسه ولهذا أطلق ابن القيم في الهدى أن يلبسه وقيل أن هذا سبق قلم منه ] والأردية والعمائم ثم لما أكرمه الله بالرسالة والنبوة ورحم الله الخلق ببعثته ودخل الناس في دين الله أفواجا وشرع الشرائع وسن السنن لأمته لم يشرع لهم لباسا غير لباسهم المعتاد ولا جعل للمسلمين شعارا يتميز به المسلمون من الكفار بل استمروا على هذا اللباس المعروف المعتاد إلى انقراض القرون الأربعة وما شاء الله بعدها لم يحدثوا لباسا يخالف لباس العرب [ أي لم يحدثوا زيا خاصا بالمسلمين ولكنهم لبسوا ما كان يلبس العرب في صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبس الجبة الرومية وفي صحيح مسلم أنه لبس الطيالسة الكسروية أي لبيلن الجواز ثم تفنن المسلمون في الأزياء في أيام حضارتهم في تلك القرون ولكن لم يجعلوها شعارا دينيا .] ولم يكن من عادتهم لبس المحارم والغتر والمشالح والعبي كما هو لبس العرب اليوم من الحاضرة والبادية .
( الوجه الثاني ) أن هذه العصائب على المحارم والغتر والشمغ وغيرها التي يسمونها العمائم أن كان المقصود بجعلها على الرؤوس وعلى المحارم الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في لباسه فهذه لم تكن هي العمائم التي كان يلبسها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وسائر العرب يلبسونها بل تلك كانت لجميع الرأس وعلى القلانس كما قال - صلى الله عليه وسلم - (( فرق ما بيننا وبين الأعاجم على القلانس )) والقلنسوة هي الطاقية في عرفنا وعادة العرب في العمامة أنهم يجعلونها محنكة فلأي شيء لم يقتدوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا اللباس على هذا الوضع إن كان المقصود الاقتداء به .
Page 29