وإذا كان ذلك كذلك فهجر القادة والأكابر الذين يخاف من هجرهم عدم قبول وانقياد أن في ذلك غضاضة عليهم ونقصا في حقهم وربما يحصل بذلك منهم تعد بيد أو لسان فلا ينبغي هجرهم لأن من القواعد الشرعية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وكذلك الأحوال يراعى فيها الأصلح كما يراعى في الأزمان الأشخاص كما قال شيخ الإسلام . وهذا كما أن المشروع في العدو - القتال تارة والمهادنة تارة ، وأخذ الجزية تارة ، كل ذلك بحسب المصالح والأحوال إلى آخر كلامه فتأمله يزل عنك إشكالات طالما أعشت عيون كثير من خفافيش الأبصار الذين لا معرفة لهم بمدارك الأحكام ، ولا اطلاع لهم على مذكرة أئمة أهل الإسلام والله المستعان .
(فصل)
إذا تحققت هذا وعرفت ما ذكره شيخ الإسلام من الهجر المشروع وغير المشروع فاعلم يا أخي أن كثيرا من الناس يهجرون على غير السنة وعلى غير ما شرعه الله ورسوله ويحبون ويوالون ويبغضون ويعادون على ذلك وذلك أن بعض الناس ممن ينتسب إلى طلب العلم والمعرفة أحدث لمن يدخل في هذا الدين شعارا لم يشرعه الله ولا رسوله ولا ذكره المحققون من أهل العلم لا في قديم الزمان ولا في حديثه وذلك أنهم يلزمون من دخل في هذا الدين أن يلبس عصابة على رأسه ويسمونها بالعمامة وأن ذلك من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن لبسها كان من الإخوان الداخلين
الرد على من التزم لباسا لا يتعداه
في هذا الدين ومن لم يلبسها فليس منهم لأنه لم يلبس السنة . وهذا لم يقل به أحد من العلماء ولا شرعه الله ولا رسوله بل هذا استحسان منهم وظن أنه من السنة وليس هذا من السنة في شيء وبيان ذلك من وجوه .
Page 28