فدخل أبو بكر منزله ومعه عمر، فقال له: يا خليفة رسول الله لم لا تنبئني أمرك، وتحدثني بما دهاك به علي بن أبي طالب؟ فقال أبو بكر: ويحك يا عمر يرجع رسول الله بعد موته حيا فيخاطبني في ظلمي لعلي وبرد حقه عليه وخلع نفسي من هذا الأمر، فقال له عمر: قص علي قصتك من أولها إلى آخرها، فقال له أبو بكر: ويحك يا عمر والله قد قال لي علي إنك لا تدعني أخرج من هذه المظلمة، وإنك شيطاني فدعني عنك.
فلم يزل يرقبه(1) إلى أن حدثه بحديثه كله، فقال له: يا أبا بكر أنسيت شعرك من أول شهر رمضان فرض علينا صيامه، حيث جاءك حذيفة بن اليمان، وسهل بن حنيف، ونعمان الأزدي، وخزيمة بن ثابت في يوم جمعة إلى دارك ليقضيك(2) دينا عليك، فلما انتهوا إلى باب الدار سمعوا لك صلصلة في الدار، فوقفوا بالباب ولم يستأذنوا عليك، فسمعوا ام بكر زوجتك تناشدك وتقول: قد عمل حر الشمس بين كتفيك، قم إلى داخل البيت وأبعد عن الباب لا يسمعك بعض أصحاب محمد فيهدر دمك، فقد علمت ان محمدا قد أهدر دم من أفطر يوما من شهر رمضان من غير سفر ولا مرض خلافا على الله وعلى محمد.
فقلت لها: هات لا ام لك فضل طعامي من الليل، وأترعي(3) الكأس من الخمر، وحذيفة ومن معه بالباب يسمعون محاورتكما، فجاءت بصحفة(4) فيها طعام من الليل وقعب مملوء خمرا، فأكلت من الصحفة وكرعت الخمر في ضحى النهار وقلت لزوجتك هذا الشعر:
Page 99