320

Irshād al-qulūb - al-juzʾ 2

إرشاد القلوب - الجزء2

Genres

إلى الغلام وقال: يا بني أجب شيعتك ومواليك، فأجاب كل واحد عما في نفسه وعن حاجته من قبل أن يسأله عنها في أحسن جواب، وأوضح برهان، حتى حارت عقولنا من غامر علمه، واخباره بالغائبات.

ثم التفت إلي أبو محمد (عليه السلام) وقال: ما جاء بك يا سعد؟ قلت: شوقي إلى لقاء مولانا، فقال: المسائل التي أردت أن تسأل عنها؟ قلت: على حالها يا مولاي، قال: فسل قرة عيني وأومأ إلى الغلام عما بدا لك منها.

فكان من بعض ما سألته أن قلت له: يا ابن رسول الله أخبرني عن تأويل: {كهيعص} (1)، قال: هذه الحروف من أنباء الغيب اطلع الله عليها عبده زكريا ثم قصها على محمد (صلى الله عليه وآله)، وذلك ان زكريا سأل الله تعالى أن يعلمه أسماء الخمسة، فهبط عليه جبرئيل (عليه السلام) فعلمه إياها، وكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن سري عنه همه وانجلى عنه كربه، فإذا ذكر الحسين خنقته العبرة، ووقعت عليه البهرة.

فقال ذات يوم: يا الهي ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي، فأنبأه الله عزوجل عن قصته، فقال: كهيعص، فالكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد ظالم الحسين، والعين عطشه، والصاد صبره.

فلما سمع بذلك زكريا (عليه السلام) لم يفارق مسجده ثلاثة أيام، ومنع فيهن الناس من الدخول عليه، وأقبل على البكاء والنحيب، وكانت ندبته: "الهي أتفجع خير جميع خلقك بولده، الهي أتنزل هذه الرزية بفنائه، الهي أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة، الهي أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟!".

ثم قال: اللهم ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر، وتجعله وارثا رضيا

Page 326