أدبكم، أوليس يجب على القادم أن يصير إلى الناس في حوائجهم(1) إلا بعد دخوله في منزله؟! فإن كان لكم حاجة فأطلعاني عليها في منزلي حتى اقضيها إن كانت ممكنة إن شاء الله تعالى.
فصارا إلى أبي بكر فأعلماه بذلك، فقال أبو بكر: قوموا بنا إليه، فمضى الجمع بأسره إلى منزله، فوجدوا الحسين (عليه السلام) قائما على الباب يقلب سيفا ليبتاعه، فقال له أبو بكر: يا أبا عبد الله إن رأيت أن تستأذن لنا على أبيك، فقال: نعم، فاستأذن للجماعة فدخلوا ومعهم خالد بن الوليد، فبدأ به الجمع بالسلام فرد مثل ذلك، فلما نظر إلى خالد قال: نعمت صباحا يا أبا سليمان، نعم القلادة قلادتك.
فقال: والله يا علي لا نجوت مني إن ساعدني الأجل، فقال له علي (عليه السلام): اف لك يا ابن دميمة، إنك ومن فلق الحبة وبرئ النسمة عندي لأهون [شيء](2)، وما روحك في يدي لو أشاء إلا كذبابة وقعت في إدام حار فطفقت منه، فاغن عن نفسك غناها ودعنا [بحالنا](3) حكماء، وإلا ألحقتك بمن أنت أحق بالقتل منه، ودع عنك يا أبا سليمان ما مضى وخذ فيما بقى، فوالله ما تجرعت من جرار المختمة إلا علقمها، والله لقد رأيت منيتي ومنيتك وروحي وروحك ، وروحي في الجنة وروحك في النار.
قال: وحجز الجمع بينهما وسألوه قطع الكلام، فقال أبو بكر لعلي (عليه السلام): إنا ما جئناك لما تناقض منه أبا سليمان وإنما حضرنا لغيره، وأنت لم تزل يا أبا الحسن مقيما على خلافي والاجتراء(4) على أصحابي، فقد تركناك فاتركنا ولا تردنا فيردك منا ما يوحشك ويزيدك نبوة على نبوتك(5).
Page 269