بأسيافنا وكانت ليلة مظلمة فزالوا عنا وأيسوا مما ظنوا وقدروا(1)، فقلت: يا رسول الله من هؤلاء القوم الذين يريدون(2) ما ترى؟ فقال: يا حذيفة هؤلاء المنافقون في الدنيا والآخرة، فقلت: ألا تبعث إليهم يا رسول الله رهطا فيأتوا برؤوسهم؟ فقال: ان الله أمرني أن أعرض عنهم، وأكره أن تقول الناس انه دعا اناسا من قومه وأصحابه إلى دينه فاستجابوا له، فقاتل بهم حتى ظهر على عدوه ثم أقبل إليهم فقتلهم، ولكن دعهم يا حذيفة فإن الله لهم بالمرصاد، وسيمهلهم قليلا ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ.
فقلت: من هؤلاء المنافقون يا رسول الله، أمن المهاجرين أم من الأنصار؟ فسماهم لي رجلا رجلا حتى فرغ منهم، وقد كان فيهم اناس [كنت](3) كاره أن يكونوا فيهم، فأمسكت عند ذلك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا حذيفة كأنك شاك في بعض من سميت لك، ارفع رأسك إليهم، فرفعت طرفي إلى القوم وهم وقوف على الثنية، فبرقت برقة فأضاءت جميع ما حولنا، وثبتت البرقة حتى خلتها شمسا طالعة، فنظرت والله إلى القوم فعرفتهم رجلا رجلا، فإذا هم كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعدد القوم أربعة عشر رجلا، تسعة من قريش وخمسة من سائر الناس.
فقال له الفتى: سمهم لنا يرحمك الله، فقال حذيفة: هم والله أبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن عاص هؤلاء من قريش وأما الخمسة الاخر: فأبو موسى الأشعري، والمغيرة بن شعبة الثقفي، وأوس بن الحدثان البصري، وأبو هريرة، وأبو طلحة الأنصاري.
Page 198