Guidance of the Virtuous to Achieve the Truth in the Science of Principles
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول
Investigator
الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا
Publisher
دار الكتاب العربي
Edition Number
الطبعة الأولى ١٤١٩هـ
Publication Year
١٩٩٩م
الْمَقْصِدُ الْأَوَّلُ: فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَعْرِيفِهِ
اعْلَمْ أَنَّ الْكِتَابَ لُغَةً: يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ كِتَابَةٍ وَمَكْتُوبٍ، ثُمَّ غَلَبَ فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ عَلَى الْقُرْآنِ.
وَالْقُرْآنُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْقِرَاءَةِ، غَلَبَ فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ عَلَى الْمَجْمُوعِ الْمُعَيَّنِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، الْمَقْرُوءُ بِأَلْسِنَةِ الْعِبَادِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَشْهَرُ مِنْ لَفْظِ الْكِتَابِ وَأَظْهَرُ، وَلِذَا جُعِلَ تَفْسِيرًا لَهُ، فَهَذَا تَعْرِيفُ الْكِتَابِ بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ، وَهُوَ التَّعْرِيفُ اللَّفْظِيُّ الَّذِي يَكُونُ بِمُرَادِفٍ أَشْهَرَ.
وَأَمَّا حَدُّ الْكِتَابِ اصْطِلَاحًا: فَهُوَ الْكَلَامُ الْمُنَزَّلُ عَلَى الرَّسُولِ، الْمَكْتُوبُ فِي الْمَصَاحِفِ، الْمَنْقُولُ إِلَيْنَا نَقْلًا مُتَوَاتِرًا.
فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: الْمُنَزَّلُ على الرسول المكتوب في المصاحف: وسائر الْكُتُبِ وَالْأَحَادِيثِ الْقُدْسِيَّةِ، وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ وَغَيْرُهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: الْمَنْقُولُ إِلَيْنَا نَقْلًا مُتَوَاتِرًا: الْقِرَاءَاتُ الشَّاذَّةُ١.
وَقَدْ أُورِدَ عَلَى هَذَا الْحَدِّ أَنَّ فِيهِ دَوْرًا؛ لِأَنَّهُ عَرَّفَ الْكِتَابَ بِالْمَكْتُوبِ فِي الْمَصَاحِفِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إِذَا قِيلَ: مَا الْمُصْحَفُ؟ فَلَا بُدَّ أَنْ يُقَالَ: هُوَ الَّذِي كُتِبَ فِيهِ الْقُرْآنُ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُصْحَفَ مَعْلُومٌ فِي الْعُرْفِ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْرِيفِهِ بِقَوْلِهِ الَّذِي كُتِبَ فِيهِ الْقُرْآنُ.
وَقِيلَ فِي حَدِّهِ: هُوَ اللَّفْظُ الْعَرَبِيُّ الْمُنَزَّلُ لِلتَّدَبُّرِ وَالتَّذَكُّرِ الْمُتَوَاتِرُ. فَاللَّفْظُ جِنْسٌ يَعُمُّ الْكُتُبَ السَّمَاوِيَّةَ وَغَيْرَهَا، وَالْعَرَبِيُّ يُخْرِجُ غَيْرَ الْعَرَبِيِّ مِنَ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَالْمُنَزَّلُ يُخْرِجُ مَا لَيْسَ بِمُنَزَّلٍ مِنَ الْعَرَبِيِّ، وَقَوْلُهُ لِلتَّدَبُّرِ وَالتَّذَكُّرِ: لِزِيَادَةِ التَّوْضِيحِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ هَذَا التعريف. والتدبير: التَّفَهُّمُ لِمَا يَتْبَعُ ظَاهِرَهُ مِنَ التَّأْوِيلَاتِ الصَّحِيحَةِ، وَالْمَعَانِي الْمُسْتَنْبَطَةِ.
وَالتَّذَكُّرُ: الِاتِّعَاظُ بِقِصَصِهِ وَأَمْثَالِهِ.
وَقَوْلُهُ: الْمُتَوَاتِرُ يُخْرِجُ مَا لَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ كَالْقِرَاءَاتِ الشَّاذَّةِ، والأحاديث القدسية.
١ وهي القراءة المخالفة للعربية أو الرسم وهي مردودة إجماعًا، وهي التي لم تثبت بطريق التواتر، وكل قراءة انفرد بها أحد الأئمة الأربعة أو راو من رواتهم لا تجوز القراءة بها مطلقًا. وهم: ابن محيصن ويحيى اليزيدي -والحسن البصري والأعمش. ا. هـ. القراءات الشاذة ١/ ١٠-١١.
1 / 85