227

Irshad

الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي

Genres

Sufism

الركن الخامس: إثبا ت النبؤة

ففيه معرفتان. إحداهما: أن المعجز ظهر على يدي محمد عقيب دعوى النبوة.

والثانية: أن كل من ظهر المعجز عليه كذلك فهو نبي صادق.

أما المعرفة الأولى

فبيانها: أنه لما ادعى النبؤة تحدى العرب بالقرآن، وقرعهم بالعجز عن الإتيان بمثله، ثم تحداهم بأن يأتوا بعشر سور من مثله، فلما عجزوا أنذرهم من عقابه، وأيأسهم عن الإتيان بشيء من ذلك، ومن المعلوم ضرورة أنهم كانوا يستمعون آيات القرآن، ويتعجبون منها، فليس لقائل أن يقول: لم يسمعوا آيات التحدي، وكان فيهم من يقول: ما هذا كلام بشر، ويقول آخر: ما سمعت مثل هذا أبدا فليس لقائل أن يقول: لم يهتموا بمعارضته ؛ لكونه غير فصيح عندهم.

ومن المعلوم ضرورة أيضا أنهم كانوا أشد الناس عداوة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولهذا أوقدوا نارا للحرب، وعدلوا عن المعارضة إلى الطعن والضرب، وإهلاك النفوس والأموال، فلا يقال: تركوا المعارضة لقلة العداوة.

ومن المعلوم ضرورة أنهم كانوا يفتخرون بالفصاحة، ويتبجحون بها، ولهم فيها الحكام في المحافل والأسواق فلا يقال: إن دواعيهم لم توفر إلى المعارضة، ومعلوم ضرورة أنه ما صرفهم عن المعارضة رهبة ولا رغبة فيه، كما لم يصرفهم ذلك عن قتاله.

ومعلوم ضرورة أنه ما أعجلهم عن المعارضة، فيظن أنه لم يمهلهم لأنه أقام فيهم ثلاث عشرة سنة لم يؤذن له في القتال، وكانت أيديهم العالية فيها.

Page 231